قال المؤلف رحمه الله تعالى:[باب الاعتكاف وهو لزوم المسجد لطاعة الله تعالى فيه، وهو سنة إلا أن يكون نذراً فيلزم الوفاء به].
الاعتكاف في اللغة: لزوم الشيء وحبس النفس عليه براً كان أو غيره، ومنه قوله تعالى:{مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ}[الأنبياء:٥٢] فهو لزوم الشيء وحبس النفس عليه، سواء كان حقاً أو باطلاً.
وأما شرعاً: فهو لزوم المسجد بنية لطاعة الله عز وجل، وهو مستحب إلا إذا نذره فوجب عليه الوفاء بالنذر.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[ويصح للمرأة].
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه:(كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله عز وجل، واعتكف أزواجه من بعده) فهو سنة في حق الرجال والنساء، فالمرأة لها أن تعتكف في أي مسجد غير مسجد بيتها إذا أمنت الفتنة.
والرجل يعتكف في مسجد تؤدى فيه صلاة الجماعة، الاعتكاف ليس خاصاً عند العلماء بوقت معين فالرسول اعتكف في رمضان حتى توفي صلى الله عليه وسلم، ولكن هل قال: لا تعتكفوا إلا في رمضان؟! فهذا فعل منه صلى الله عليه وسلم؛ لأنه فضيلة، والفعل لا يؤخذ منه الخصوصية.
والنبي صلى الله عليه وسلم اعتكف واعتكف أزواجه من بعده ولما رأى الأخبية قد ضربت خشي عليهن من التباهي فقال:(آلبر يردن؟).
ثم أمر بخيمته فرفعت ولم يعتكف تلك السنة، ثم قضاه في شوال، وكونه اعتكف في شوال دل على أنه ليس خاصاً برمضان، ولو كان لا يجوز الاعتكاف إلا في رمضان لما اعتكف في شوال.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[ويصح من المرأة في كل مسجد غير مسجد بيتها].
ولا يصح من الرجل إلا في مسجد تقام فيه الجماعة، واعتكافه في مسجد تقام فيه الجمعة أفضل].
هذا هو الأفضل، أن تكون في مسجد تقام فيه الجمعة، وقال بعض العلماء: لابد أن يكون الاعتكاف في مسجد جامع، ولابد أن يكون صائماً، ولهذا يقال: ولا اعتكاف إلا بصوم، ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع والصواب: أنه لا يشترط الصوم؛ لأنه ثبت أن عمر رضي الله عنه قال:(يا رسول الله! إني نذرت أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام في الجاهلية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: أوف بنذرك) والليل ليس فيه صوم، وهذا ثابت في الصحيح، فدل على أنه لا يشترط الصوم، وكذلك لا يشترط أن يكون في مسجد جامع، لكن بعض العلماء يرى: أنه لابد أن يكون الاعتكاف في مسجد تقام فيه الجمعة حتى لا يحتاج إلى الخروج، ولابد أن يكون صائماً، وعلى هذا يكون أقله يوم.