[شروط وجوب الصوم]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [يجب صيام رمضان، على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم].
فهذه شروط وجوب الصوم: الشرط الأول: أن يكون مسلماً، فالكافر لا يجب عليه الصوم، بمعنى: أنه لا يصح منه الصوم لو صام حتى يدخل في الإسلام؛ لأن الصيام لا يدخل إلا بعد الإيمان، فلو صام الكافر ما صح صومه، وليس معنى ذلك أنه لا يحاسب ولا يعاقب على الصوم، لا، بل يعذب يوم القيامة على ترك الصوم والصلاة، وعلى ترك الإسلام، لكن المعنى: أنه لو صام في حال كفره لم يصح صومه حتى يدخل في الإسلام.
الشرط الثاني: أن يكون بالغاً، فالصبي لا يجب عليه صوم رمضان، لكن لو صام وهو صغير صح صومه، ويؤمر به، يأمره به وليه إذا كان يطيقه حتى يتمرن عليه، وقد كان السلف رضوان الله عليهم يصومون أولادهم في الصغر إذا كانوا يطيقون، ويعطونهم لعبة يتلهون بها من العهن إذا جاعوا حتى يأتي وقت الإفطار.
الشرط الثالث: أن يكون عاقلاً، فالمجنون، وفاقد العقل، لا يجب عليه الصوم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (رفع القلم عن ثلاثة: عن الصغير حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يفيق، وعن النائم حتى يستيقظ).
الشرط الرابع: أن يكون قادراً، لا بد أن يكون قادراً على الصوم، فإن كان عاجزاً كالمريض فلا يجب عليه الصوم، فالمريض يفطر ويقضي أياماً أخر؛ لقول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة:١٨٤].
فيجب الصوم على كل مسلم بالغ عاقل قادر على الصوم، ولو أضاف المقيم في الشرط الخامس لكان حسناً فالمسافر لا يجب عليه الصوم في حال السفر، لكنه يقضي، ولو صام أجزأه إذا كان لم يشق عليه، فإن شق عليه فهو مكروه في حقه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويؤمر به الصبي إذا أطاقه].
يؤمر به حتى يتمرن، فقد كان السلف يأمرون به صبيانهم كما أنهم أمروا بالصلاة: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع) للتمرين، فكذلك يؤمر بالصوم إذا كان يطيقه للتمرين والتدريب.
وفي الصلاة يضرب عليها الصبي إذا بلغ عشراً، أما الصوم فإنه يؤمر به من باب التمرين ولا يضرب عليه ولا أذكر شيئاً يدل على الضرب، لكن مثلما قال أحد السلف: كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار من باب التمرين، فهذا يرجع إلى الولي والنظر في حال الولي، إذا كان قوياً ونشيطاً.
وأما قوله في الشرح: ويضرب عليه ليعتاده فهو أخذه من قوله: (مروا أولادكم بالصلاة لسبع) ومن قول بعض السلف: كانوا يضربوننا على الشهادة والعهد ونحن صغار.
فإذا شهد زوراً يضرب وهو صغير حتى لا يتعود الكذب، وإذا حلف كذلك، وهذا قد يقال: إنه إذا كان قوياً ونشيطاً.