[ما يستحب فعله عند تغسيل الميت]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإذا أخذ في غسله سترت عورته ثم يعصر بطنه عصراً رفيقاً].
السنة أنه تستر العورة، ولا يكشف الميت وإن جرد عن الثياب، لكن تستر العورة، فلا يجوز النظر إلى عورة الميت كما أنه لا يجوز النظر إلى عورة الحي، بل يسترها ويعصر بطنه حتى يخرج ما كان فيها وما كان مستعداً للخروج قبل غسله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم يلف على يده خرقة فينجيه بها].
السنة للغاسل أن يلف على يده خرقة أو يجعل على يديه قفازاً وينجيه، ولا يمس عورته باليد مباشرة، فلا يجوز لها.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم يوضئه، ثم يغسل رأسه ولحيته بماء وسدر].
بعدما ينجيه يغسل فرجه وما حولهما، ثم يوضئه فيغسل وجهه ويديه، ويغسل رجليه كوضوئه للصلاة، والسنة أن يأخذ خرقة أخرى غير الخرقة التي كان ينجيه بها، أو يأخذ قفازاً آخر ليغسل بقية جسمه وأعضائه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم يوضئه ثم يغسل رأسه ولحيته بماء وسدر، ثم شقه الأيمن ثم الأيسر].
يعني: بعد الوضوء يغسل رأسه، كما أن الحي عندما يغتسل يستنجي أولاً، ثم يتوضأ، ثم يغسل رأسه ثلاثاً، فكذلك الميت يغسل رأسه بماء وسدر، فالسدر منظف، ومنه الأشنان قبل أن يوجد الصابون، والآن الصابون ينوب مناب الأشنان، فإذا غسله بالصابون والماء يكون نظيفاً.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم شقه الأيمن ثم الأيسر].
هذا السنة، كالحي حينما يغتسل، يبدأ بالشق الأيمن، ثم ينتهي بالشق الأيسر.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم يغسله كذلك مرة ثانية وثالثة يمر في كل مرة يده].
المرة الأولى: ينجيه، ثم يوضئه، ثم يغسل رأسه، ثم شقه الأيمن، فشقه الأيسر، هذه مرة، ثم يغسله مرة ثانية فيمر يده على جسده، ثم يغسله الثالثة، وإن كان فيه أوساخ فاحتاج إلى زيادة فلا بأس يزيد غسلة رابعة وخامسة، وفي كل مرة يعصر بطنه ليخرج ما كان مستعداً للخروج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم للنساء اللاتي يغسلن ابنته زينب لما ماتت: (اغسلنها ثلاثاً أو خمساً إن رأيتن بماء وسدر واجعلن في الآخرة كافوراً).
فالغاسل يغسله ثلاثاً من باب النظافة، وإن كان فيه وسخ أو خرج شيء من بطنه فينجيه مرة أخرى ويوضئه كالحي؛ لأنه انتقض وضوءه، ثم يغسله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإن خرج منه شيء غسله وسده بقطن].
إن خرج شيء غسله وسده بقطن، وأعاد غسله ووضوءه وغسله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإن لم يستمسك فبطين حر].
أي: حتى ينسد الخارج منه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويعيد وضوءه].
إذا خرج منه شيء أعاد وضوءه؛ لأنه انتقض وضوءه.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن لم ينق بثلاث زاد إلى خمس أو إلى سبع، ثم ينشفه بثوب].
إذا لم ينق، وكان فيه بعض الأوساخ ويحتاج إلى النظافة، فإنه يزيد رابعة وخامسة وسادسة أو سابعة حتى ينقى.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويجعل الطيب في مغابنه].
ينشفه بقطعة ثوب، ويجعل الطيب في إبطه وفي أذنه، وفي ركبتيه وما أشبه ذلك، من طيات البدن.
وتطييب المغابن لأنها مظنة الرائحة مثل الإبط، ومثل تحت الركبة، ومثل السرة وما أشبه ذلك، وكذلك ما تحت الفخذين والبطن وطيات البدن.
كذلك الحي عليه أن يتفقد هذه الأشياء، فبعض الناس يأتي وله روائح كريهة من فمه أو إبطه أو رائحة الأسنان، فينبغي للإنسان أن يتعاهد هذا، ولهذا شرع الغسل في الجمعة، وشرع أن يتعاهد مغابنه إن كان فيها رائحة، فيتعاهد فمه فلا يخرج منه رائحة كريهة للناس، وأشد من هذا رائحة الدخان والكراث والثوم والبصل، ولهذا نهي الإنسان أن يدخل المسجد وقد أكل كراثاً أو ثوماً أو بصلاً، وسبق أن هذا عذر من أعذار الجماعة، إذا أكل كراثاً وثوماً وبصلاً إما أن يزيل الرائحة أو لا يأتي المسجد ويصلي في البيت حتى لا يؤذي الناس، وكذلك من عنده رائحة كريهة فعليه أن يعالج نفسه قبل الدخول للمسجد حتى تزول هذه الرائحة أو تخف.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويجعل الطيب في مغابنه ومواضع سجوده، وإن طيبه كله كان حسناً ويجمر أكفانه].
يعني: إن طيبه كله فحسن، وإن اكتفى بالمغابن وسجدات البدن فلا بأس، ويجمر أكفانه يعني: يبخرها بالبخور بأن يجعل البخور في الجمر ويبخر الأكفان حتى تكون طيبة الرائحة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن كان شاربه أو أظافره طويلة أخذ منه ولا يسرح شعره].
إن كان شاربه أو أظافره طويلة لا بأس بأن يقص الشارب والأظفار، أما العانة والختان فلا، ليس له أن يأخذ شيئاً من العانة ولا الختان، ولا يسرح شعره، فلا يحتاج إلى شد الشعر وتسريحه، لكن الأنثى يجعل لها ضفائر ثلاث، فيجعل لها ثلاثة قرون وتسدل من خلفها، أما الذكر فلا يحتاج إلى تسريح للشعر.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والمرأة يضفر شعرها ثلاثة قرون ويسدل من ورائها].
هذا هو السنة، ويجعل لها ثلاث ضفائر، وتسمى جدائل عند العامة، فتكون ثلاثة قرون من الخلف، واحدة من الأمام، والثانية من الخلف، وكلها تجعل من الخلف.