قال المؤلف رحمه الله تعالى:[الثالث: وقراءة الفاتحة].
قراءة الفاتحة ركن أيضاً بالإجماع بالنسبة للإمام؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:(لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب) فهي ركن في حق الإمام.
أما المأموم ففيه اختلاف كما سبق، فمن العلماء من قال: تسقط عن المأموم في الصلاة السرية والنافلة.
وقال آخرون: تجب عليه في السرية دون الجهرية.
وقال آخرون: تجب عليه في السرية ولا تجب في الجهرية، وهذا مذهب الجمهور، ويستدلون بحديث:(من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة).
وقال آخرون: إنها واجبة في حق المأموم، يعني: أقل من الركن، ولا تسقط لا في السرية ولا في الجهرية؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم:(لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قالوا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بأم القرآن، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) فتكون مستثناة من قوله: (لا صلاة لمنلم يقرأ بفاتحة الكتاب)، وهذا في حق المأموم، أي: أنه واجب مخصص.
لكن إذا أدرك الإمام راكعاً سقطت عنه؛ لحديث أبي بكرة: أنه لما جاء والنبي صلى الله عليه وسلم راكع كبر دون الصف، ثم دب دبيباً فدخل في الصف، فلما سلم النبي صلى الله عليه وسلم قال له:(زادك الله حرصاً ولا تعد) ولم يقل: أعد الركعة، فدل على أن المأموم إذا أدرك الإمام راكعاً سقطت عنه الفاتحة، وكذلك إذا أدرك الإمام في آخر القيام ولم يتمكن من قراءتها أو نسي قراءتها أو قلد من يقول: إنها ليست واجبة فإنها تسقط عنه في هذه الحالة.
وقال آخرون: إنها لا تسقط مطلقاً حتى في حق من أدرك الإمام راكعاً، وإذا أدرك الإمام راكعاً فإنه يقضي تلك الركعة، وهذا اختيار البخاري رحمه الله وجماعة، وألف في هذا رحمه الله رسالة سماها: جزء القراءة، ذكر فيها الأدلة، ورجح أن القراءة لا تسقط عن المأموم بحال مطلقاً، ومن لم يقرأ الفاتحة يقضي الركعة ولو أدرك الإمام راكعاً، لكن المعروف عند المحققين -وورد فيه جمع من الأحاديث- أن المأموم إذا أدرك الإمام راكعاً سقطت عنه وأدرك الركعة؛ لحديث أبي بكرة.