قال المؤلف رحمه الله تعالى:[وإن كان الميت غائباً عن البلد صلى عليه بالنية].
هذا على مذهب المؤلف وذهب إليه بعض العلماء أنه يصلى على الغائب، وذهب آخرون من أهل العلم كـ شيخ الإسلام وجماعة إلى أنه لا يصلى على الغائب؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل على الغائبين، وقد مات جم غفير في مكة وغيرها ولم يصل إلا على النجاشي، فقالوا: إنها خاصة بـ النجاشي؛ لأن النجاشي لم يصل عليه، وقال آخرون: كون النجاشي لم يصل عليه؛ لأنه لا يوجد مسلم يصلي عليه، وقالوا: إن النجاشي أسلم وحده فقط، ولما مات صلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لم يصل عليه في بلده؛ لأنهم كلهم كانوا نصارى، ولكن هذا بعيد أن يكون ملك يسلم ولا يسلم معه أحد من حاشيته، لابد أن يكون أسلم معه بعض الخدم والحاشية، والصواب في هذا: أنه يصلى على الغائب إذا كان له شأن في الإسلام مثل عالم كبير، أو داعية قدير، أو مصلح، أو إمام عادل، أو أمير عادل، أما أن يصلى على كل أحد فهذا غير مشروع؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ما صلى على الغائبين والجم الغفير، إنما يصلى على الجنازة الحاضرة، والغائب لا يصلى إلا على من كان له شأن أو قدم في الإسلام شيئاً كالداعية والعالم الكبير والأمير والمصلح والعادل، فهذا أعدل الأقوال، وهو قول وسط بين من قال: إنه خاص بـ النجاشي ومن قال: إنه يصلى على كل أحد.
ويجوز الصلاة على الميت بعد دفنه؛ لأن أكثر ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى على أم سعد بن عبادة بعد شهر من دفنها، والظاهر أن هذا هو الحد، أما كون الإنسان يصلي على الميت بعد سنين فهذا ليس له أصل.