[الأشياء التي لا يجوز بيعها]
قال المؤلف رحمه الله: [ولا يجوز بيع ما ليس بمملوك لبائعه إلا بإذن مالكه أو ولاية عليه].
لقول النبي صلى الله عليه وسلم لـ حكيم بن حزام: (لا تبع ما ليس عندك)، فلا يجوز له أن يبيعه إلا إذا كان مالكاً أو مأذوناً له فيه، واختلف في بيع الفضولي، وهو الذي يبيع السلعة ولم يأذن له صاحبها، قيل: لا يصح، وقيل: يصح موقوفاً على إذن المالك، فإذا أذن له فلا مانع، فمثلاً إذا باع إنسان شجرة جاره يبقى موقوفاً، وإذا جاء الجار وقال له: إني بعتها وأذن له فلا مانع، وإلا فلا يصح، كما في الحديث الذي فيه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى بعض الصحابة درهماً، وقال له: اشتر به شاة فاشترى به شاتين، وباع إحداهما بدرهم، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بشاة ودرهم، فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم بالبركة، فكان بعد ذلك مباركاً، فإذا اشترى شيئاً ربح فيه، ولو اشترى تراباً لربح فيه) فهذا تصرفه تصرف فضولي، فإن النبي أعطاه درهماً وقال: (اشترِ شاةً)، فتصرف واشترى به شاتين، وقال بعضهم: إنه لا يصح، إذ لابد أن يكون مأذوناً له فيه، وأما هذا الصحابي فإن النبي صلى الله عليه وسلم وكله، وظاهره أنه وكله وكالة مطلقة.
قال: [ولا بيع ما لا نفع فيه كالحشرات].
لا يجوز بيع ما لا نفع فيه كالحشرات؛ لأنها لا نفع فيها بل هي مستخبثة، ويقاس عليه الحيات والعقارب، فكلها مستخبثة.
قال: [ولا ما نفعه محرم كالخمر والميتة].
يعني: ولا يجوز بيع ما نفعه محرم كالخمر والميتة والخنزير والأصنام، كل هذه لا تباع.
قال: [ولا بيع معدوم كالذي تحمل أمته أو شجرته].
بيع المعدوم لا يصح للجهالة؛ لأن من شرط البيع العلم بالمبيع، فإذا قال: أبيعك ما تحمل هذه الدابة أو أبيعك حمل هذه الشجرة، أو ما تحمل هذه النخلة فلا يصح لأنه معدوم لا يعلم.
قال: [أو مجهول كالحمل والغائب الذي لم يوصف ولم تتقدم رؤيته].
كذلك المجهول لا يحل بيعه؛ لأن شرط البيع العلم بالمبيع، كأن تقول: بعتك ما في بطن هذه الدابة، والحمل الذي في بطن هذه الدابة مجهول، وكذلك أيضاً: بعتك سيارة لكن ليست في هذا البلد بل هي في بلد آخر فلا رآها ولا علم وصفها، فلا يصح للجهالة، فلابد في المبيع أن يكون معلوماً وأن يكون مقدوراً على تسليمه، وأن يكون موجوداً، أو موصوفاً بصفة.
قال: [ولا معجوز عن تسليمه كالآبق والشارد والطير في الهواء والسمك في الماء].
هذا من شرط المبيع أن يكون مقدوراً على تسليمه، فالذي لا يقدر على تسليمه لا يباع، فالعبد إذا أبق -أي: هرب من سيده- لا يباع؛ لأنه غير مقدور على تسليمه، والشارد هو الجمل إذا شرد فلا يقدر على إمساكه فلا يجوز البيع؛ لأنه لا يقدر على تسليمه، والطير في الهواء لا يقدر على تسليمه، والسمك في الماء كذلك لا يقدر على تسليمه فلا يصح البيع حتى يقبضه ويمسكه.
قال: [ولا بيع المغصوب إلا لغاصبه أو من يقدر على أخذه منه].
كذلك بيع المغصوب لا يصح بيعه؛ لأنه غير مقدور على تسليمه إلا على الغاصب، فإذا جاء الغاصب وقال: أنا غصبت منك هذه السلعة، لكن سأشتريها الآن منك.
فلا بأس؛ لأنه عنده مقدور على تسلميه، أو باع على إنسان قوي إما أميرٍ أو سلطانٍ أو عنده قوة يستطيع أخذ السلعة منه، فيبيعها عليه ولا بأس؛ لأنه يقدر على أخذها.
قال: [ولا بيع غير معين، كعبد من عبيده، أو شاة من قطيعه، إلا فيما تتساوى أجزاؤه كقفيز من صبرة].
وكذلك لا يجوز بيع المبهم، كأن يكون عنده مثلاً مائة عبد، فقال: بعتك عبداً من عبيدي، أو عنده مائة شاة وقال: بعتك شاةً من الشياه، فهذا مبهم لا يجوز حتى تحدد الشاة وتحدد العبد، أو عندك سيارات في المعرض وقلت: بعتك سيارة من السيارات التي في المعرض، وهي غير متساوية بل متفاوتة؛ فهذا لا يجوز للجهالة، إلا إذا كانت الأشياء متساوية؛ كأن يكون قفيزاً من بر، وكأن يكون صبرة من الطعام، فيجعلها أكواماً، وكل كومة مائة كيلو وكلها متساوية، قال: بعتك كوماً من هذه القفيز من الطعام فلا بأس؛ لأنها متساوية، أو عنده تمر مقداره مائة كيس مثلاً، وكل كيس فيه مائة كيلو أو عشرة كيلو وكلها متساوية فلا بأس، فالجهالة هنا جائزة؛ لأنها متساوية فكلها قفيز معين من البر كذلك التمر معين محدود متماثل فلا بأس، أما أن يبيعك شاةً من غنمه أو عبداً من عبيده أو سيارةً من السيارات التي في المعرض وهي متفاوتة فلا يصح حتى تعين.