للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[صفة الجلوس بين السجدتين]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم يرفع رأسه مكبراً ويجلس مفترشاً، فيفرش رجله اليسرى ويجلس عليها وينصب اليمنى ويثني أصابعها نحو القبلة].

ومن السنة أن يفرش المصلي رجله اليسرى ويجلس عليها، وينصب اليمنى ويثني أطراف أصابع الرجل اليمنى، ويكون مستقبلاً بها القبلة، وهذا من باب الاستحباب.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ويقول: رب اغفر لي، ثلاثاً].

أي: رب اغفر لي، رب اغفر لي، رب اغفر لي، ثلاثاً وهذا مستحب، والواجب مرة، والقول الثاني: أنه مستحب، وإذا زاد معه: رب اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني واجبرني وعافني، فإنه حسن.

مداخلة: بعض الأئمة يطيلون في الصلاة مما يسبب ترك الجماعة من قبل بعض المأمومين.

الشيخ: السنة حاكمة على الناس، فالذي يصلي في البيت بحجة أن الإمام يطيل معناه: أنه يريد أن ينقر الصلاة كنقر الغراب، وبعض الناس يستدل بقوله صلى الله عليه وسلم: (أفتان أنت يا معاذ؟!)، على ذلك، ولا ينظر إلى الأحاديث الأخرى، والعلماء قد بينوا أن قوله: (أفتان أنت يا معاذ)، وكان هذا حين قرأ معاذ سورة البقرة كاملة، ومن اشتكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم كان قد جاء متعباً بعد أن عمل طول نهاره في مزرعته، فلما جاء وصفَّ مع معاذ، قرأ معاذ سورة البقرة كلها فشق ذلك عليه فاشتكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: (أفتان أنت يا معاذ؟! أفلا قرأت بسبح اسم ربك الأعلى)، ولم يقل له انقر الصلاة نقر الغراب، كما أن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال: (أفتان أنت يا معاذ؟)، هو الذي كان يسبح عشر تسبيحات، وهنا لا يتناقض قوله مع فعله، فإنه إذا سبح عشر تسبيحات مع التدبر، قد فعل التخفيف وهو القائل: (إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف)، وإذا سبح خمسين تسبيحة كانت تلك تطويل، والسنة أن يجمع بعضها إلى بعض، وصلاة الرسول صلى الله عليه وسلم هي التخفيف، وما زاد عنها فهو تطويل، وقد بين ابن القيم رحمه الله ذلك في رسالة الصلاة، وهي رسالة ينصح بقراءتها، فقال: بعض النقارين والسارقين لصلاتهم لا يعرفون من الأحاديث إلا (أفتان أنت يا معاذ؟!)، فيأخذونها ويتركون النصوص الأخرى، هذا إن صح، وإن كان يصلي، فلا يلزم الجمع، فلو كان للإنسان حاجة، كما لو كان يريد أن يشتري أرضاً، أو سيارة أو غيرها من العقار لجلس الساعات الطويلة في شدة الحر، أما أن يصبر خمس دقائق ليصلي مع الإمام فلا.

ومن السنة أن تكون أركان الصلاة متناسبة، كما كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم، فقد جاء في صفة صلاة النبي عن أنس أنه قال: (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم فرأيت ركوعه فسجوده فرفعه من الركوع، وجلسته بين السجدتين قريباً من السواء)، وفي لفظ: (ما خلا القيام والقعود)، أي: إلا القيام الذي فيه القراءة والتشهد، أما بقية الأركان كالسجود والركوع، والرفع من الركوع، والرفع من السجود، فينبغي أن تكون متناسبة ومتقاربة، ويحدث أن بعض الناس يطيل الركوع ويخفف السجود أو يطيل السجود ويخفف الركوع، أو يطيل الرفع مع الركوع، ويخفف الرفع بين السجدتين، وهذا غير صحيح.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم يسجد السجدة الثانية كالأولى].

أي: يفعل في السجدة الثانية كما فعل في الأولى.