[ما يقوله بعد الانتهاء من الصلاة]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإذا سلم استغفر الله ثلاثاً، وقال: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام].
يشرع للمسلم إذا سلم من الفريضة أن يقول: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، يقول هذا الإمام والمأموم والمنفرد، ثم إذا كان إماماً ينصرف إلى المأمومين ويعطيهم وجهه، بعد أن يقول اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، أي: أنه يقول وهو مستقبل القبلة: أستغفر الله، أستغفر الله، أستغفر الله، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، ثم ينصرف إلى المأمومين، ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كما ثبت في حديث ثوبان وفي حديث المغيرة بن شعبة ويكمل بعضها بعضاً، وبعضها في غير الصحيحين فيها زيادة وهي: يحيي ويميت، وفي بعضها: وهو حي لا يموت، وفي بعضها: بيده الخير، وفي بعضها: لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون.
فيقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات، زيادة على ما سبق بعد المغرب وبعد الفجر، ويبقى على حالته حتى يكمل العشر.
ولا بأس أن ينصرف عن اليمين أو عن الشمال، لما جاء في صحيح البخاري أن ابن مسعود قال: (لا يجعل أحدكم للشيطان حظاً فيرى أنه لا ينصرف إلا عن يمينه، فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً ما ينصرف عن يساره)، فجاء هذا وهذا، ينصرف عن شماله أو عن يمينه لا حرج.
ثم بعد ذلك يقول: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، ثم يختم تمام المائة بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، هذا نوع.
وجاء نوع آخر: أنه يجعل التسبيح ثلاثاً وثلاثين، والتحميد ثلاثاً وثلاثين، والتكبير أربعاً وثلاثين، فهذه مائة كما جاء في تعليم النبي صلى الله عليه وسلم لـ علي وفاطمة عند النوم.
وجاء نوع ثالث: أنه يقول: سبحان الله ثلاثاً وثلاثين، والحمد لله ثلاثاً وثلاثين، والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، وليس فيه تمام المائة، كما جاء في صحيح البخاري حينما علم النبي صلى الله عليه وسلم فقراء المهاجرين قال: (تسبحون الله دبر كل صلاة ثلاثاً وثلاثين، وتحمدون الله ثلاثاً وثلاثين، وتكبرون ثلاثاً وثلاثين) وليس فيه تمام المائة قول: لا إله إلا الله إلخ.
وجاء أيضاً نوع رابع: وهو أن يقول: سبحان الله خمساً وعشرين، والحمد لله خمساً وعشرين، ولا إله إلا الله خمساً وعشرين، والله أكبر خمساً وعشرين، فهذه مائة.
وجاء أيضاً نوع خامس: وهو أن يقول: سبحان الله عشراً، والحمد لله عشراً، ولا إله إلا الله عشراً، فتكون ثلاثين وهذه أقلها، وفي هذا جاءت بعض الأحاديث.
وقول ثوبان: (كان رسول الله إذا انصرف من صلاته يقول: أستغفر الله ثلاثاً)، يشمل النافلة والفريضة في الظاهر، لكن مراده الفريضة، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينصرف من الفريضة ويقول هذا الذكر، ولو قال ذلك بعد الانصراف من النفل فلا بأس.
وهذه الأذكار سنة مؤكدة، ومشروعة، ومشروع للمسلم أن يداوم عليها.
وإذا كان مستعجلاً وأخذ الذكر الأخير فقال: سبحان الله عشراً، والحمد لله عشراً، والله أكبر عشراً، والشيخ محمد العثيمين يقول: إنه يفعل هذا إذا كان مسافراً أو مثلاً إذا جمع بين الصلاتين.
وأما بالنسبة لعقد التسبيح فباليد اليمنى، ويقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، أما قول: (تعاليت) فما ثبتت في السنة فيقول: تباركت يا ذا الجلال والإكرام، لا يوجد (تعاليت)، وكذلك أيضاً: سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك، وتعالى جدك، قال هنا: وتعالى، لكن جاءت في موضع آخر (تباركت ربنا وتعاليت) وهذا في القنوت، حيث علم النبي صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي أن يقول هذه الدعوات: (اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا شر ما قضيت، فإنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت)، فهذا جاء في دعاء القنوت، وأما بعد السلام من الصلاة لا يوجد (وتعاليت) وإنما: تباركت يا ذا الجلال والإكرام.
وأنواع الأذكار وأنواع الأذان وأنواع الاستفتاحات لا يجمع بينها، بل يُختار واحد منها.