قال المؤلف رحمه الله تعالى:[ولا زكاة في الحلي المباح المعد للاستعمال والعارية ويباح للنساء].
وهذا هو ما ذهب إليه الجمهور، أن الحلي المعد للاستعمال والعارية ليس فيه زكاة، واستدلوا بحديث:(ليس في الحلي زكاة) لكنه حديث ضعيف، وقال شيخ الإسلام رحمه الله: زكاته عاريته، وقالوا: إنه يشبه الأمتعة التي يستعملها الإنسان في بيته؛ ولأن الزكاة إنما وجدت من باب النما وهذا ليس فيه نما، وإنما هو استهلاك، فأشبه الأمتعة، وهذا هو مذهب الجمهور ومذهب الأئمة الثلاثة: مالك والشافعي وأحمد.
القول الثاني: أنه تجب فيه الزكاة إذا بلغ نصاباً؛ لعموم قوله تعالى:{وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}[التوبة:٣٤]، ولعموم قوله صلى الله عليه وسلم:(ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، فيكوى به جنبه وجبينه وظهره) ولم يستثن النبي صلى الله عليه وسلم الحلي.
وكذلك أيضاً في قصة المرأة التي جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:(أتؤدين زكاتهما؟ قالت: لا، قال: أتحبين أن يسورك الله سوارين من نار؟! فقالت: هما لله ورسوله، وألقتهما) قال الحافظ: الحديث إسناده قوي.
وكذلك حديث أم سلمة:(أنه كان لها أوضاح من ذهب، قال: أتخرجين زكاتها؟ وقال: هو حسبك من النار) أو كما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
فهذه أدلة خاصة وعامة، فالأدلة العامة التي فيها وجوب الزكاة في الذهب والفضة ليس فيها استثناء الحلي، وهذا ما ذهب إليه الإمام أبو حنيفة، وهو الذي يفتي به الآن بعض المحققين من أهل العلم كالشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمة الله عليه، والشيخ محمد بن عثيمين وغيرهم من أهل العلم، وهو أظهر دليلاً، وإن كان خلاف قول الجمهور، وهو أحوط وأبرأ للذمة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى:[ولا زكاة في الحلي المباح المعد للاستعمال والعارية].
وهذا مذهب الجمهور، إذا كان معداً للاستعمال كأن تتزين به المرأة، ومثل خاتم الفضة للرجل فليس فيه زكاة، أما إذا أعد للتجارة فهذا تجب فيه الزكاة بالاتفاق، فإذا أعد للتجارة أو للشراء، كأن يؤجر عند إنسان الذهب فيستعار بكذا وكذا، فتستعير منه النساء أو التي تتزين أو العروس أو غيرها فهذا فيه زكاة، أو كان يستعمل في محرم كأن يستعمل الرجل ذهباً، فهذا حرام عليه، وتجب فيه الزكاة، فإذا استعمل في محرم أو أعد للتجارة أو للأجرة ففيه زكاة بالإجماع، وإنما محل الخلاف إذا أعد للعارية أو للاستعمال، فالجمهور على أنه ليس فيه زكاة، وهو مذهب الإمام أبي حنيفة وطائفة، وهو الأرجح والأظهر.