[زيادة المغصوب ونقصانه]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وإن زاد المغصوب رده بزيادته، سواء كانت متصلة أو منفصلة].
إذا زاد المغصوب فإن الغاصب يرده بزيادته، سواءً أكانت زيادة متصلة، كما إذا سمنت الدابة، ثم لما ردها بعد سنة، وزادت قيمتها، فقال الغاصب: أنا غصبتها وهي لا تساوي إلا مائة، والآن صارت تساوي مائة وخمسين، فأعطني الخمسين.
فحينئذٍ نقول: أنت الجاني، والزيادة لصاحبها.
وكذلك إذا تعلم العبد حرفة كخياطة أو نجارة فزادت قيمته، فالزيادة لصاحبه.
أو كانت منفصلة، مثل الدابة إذا ولدت، فولدها يكون لصاحبها، أو الشجرة إذا أثمرت وما ردها إلا بعد سنة، فإنه يرد ما غصبه بزيادته.
فالزيادة المتصلة أو المنفصلة ترد؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليس لعرق ظالم حق).
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وإن زاد أو نقص رده بزيادته وضمن نقصه].
إذا زاد يرده بزيادته، وإذا نقص يضمن النقص؛ لأنه معتد ظالم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [سواء زاد بفعله أو بغير فعله].
مثال الزيادة بالفعل تعليم العبد، ومثال الزيادة بغير الفعل ثمرة الشجرة، فهذه الزيادة تكون تابعة لصاحبها، فيردها على صاحبها بزيادتها، وليس للغاصب شيء من هذه الزيادة.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [فلو نجر الخشبة باباً أو عمل الحديد إبرا ردهما بزيادتهما وضمن نقصهما إن نقصا].
إذا غصب الغاصب صوفاً ثم نسج الصوف، بحيث صار صوفاً، أو أخذ حبوباً وزرعها وصارت زرعاً، أو غصب بيضة فصارت دجاجة، فإن كل هذا يرده وليس له شيء منه.
وكذلك إذا غصب خشبة ثم نجرها فصارت باباً، فإنه يردها على صاحبها، وليس له شيء؛ لأنه ظالم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ولو غصب قطناً فغزله أو غزلاً فنسجه أو ثوباً فقصره أو فصله وخاطه أو حباً فصار زرعاً أو نوىً فصار شجرا أو بيضاً فصار فراخاً فكذلك].
قوله: فكذلك أي: يرده وليس له شيء؛ لأنه ظالم، فإذا غصب قطعة قماش، ثم فصلها أربعة أثواب أو خمسة أثواب، فإنه يردها وليس له شيء، وكذلك إذا أخذ ثوباً متسخاً ثم غسله وصار نظيفاً فإنه يرده وليس له شيء مقابل عمله.
وكذلك إذا غصب بيضاً فصار فراخاً، أو غصب حباً ثم بذر فصار زرعاً، أو غصب نوى ثم غرسه فصار نخيلاً بعد مدة، فإنه يرد كل ذلك وليس له شيء.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وإن غصب عبداً فزاد في بدنه أو بتعليمه ثم ذهبت الزيادة رده وقيمة الزيادة].
إذا غصب عبداً ثم حصلت له زيادة، سواء زيادة تتعلق ببدنه، أو بغير بدنه كأن علمه صنعة، ثم نسي هذه الصنعة، فإن عليه أن يرد العبد وعليه أرش مقابل نقص تعلم الصنعة، ولو كان ما تعلمها إلا عنده؛ لأنه لما حصلت له صارت ثابتة له، فيضمنها.
وكذلك أيضاً لو غصب عبداً أو دابة ثم سمنت الدابة وصار لها قيمة، فبدلاً من أن كانت قيمتها مائة صارت قيمتها مائة وخمسين، ثم هزلت الدابة وصارت لا تساوي إلا مائة، فإنه يردها ويرد الخمسين مقابل نقص السمن، ولو لم يحصل السمن إلا عنده؛ لأنه لما حصلت الزيادة ثبتت له، فلما نقصت وزالت الزيادة زالت الصفة، فكان ضامناً لها؛ لأنه معتد.