[الإذن للمميز بالتصرف لاختبار رشده]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فصل: ولوليهم أن يأذن للمميز من الصبيان بالتصرف ليختبر رشده].
للولي أن يأذن للصبي المميز أن يتصرف فيختبر رشده، بأن يعطيه شيئاً من الدراهم قليلة، ويأذن له أن يبيع ويشتري حتى ينظر هل عنده رشد أو ليس عنده رشد؟ فإن أضاعها عرفنا أنه ليس برشيد، وإن أحسن التصرف دل على أنه رشيد، فإذا بلغ يعطى ماله.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [والرشد هنا الصلاح في المال].
والمراد بالرشد: الصلاح في المال، يعني: هل هو يحسن التصرف في المال في البيع والشراء، والأخذ والعطاء؟ قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فمن آنس رشده دفع إليه ماله إذا بلغ].
إذا كان مثلاً مراهقاً أو قريباً من البلوغ يعطيه ليتصرف، وكل يوم يعطيه شيئاً يتصرف به وينظر هل يحسن التصرف أو لا؟ فإن أحسن التصرف فإذا بلغ مجرد بلوغه يدفع إليه المال، لقول الله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ} [النساء:٦]، فاشترط الرب سبحانه لدفع المال شرطان: الشرط الأول: إيناس الرشد.
والشرط الثاني: البلوغ.
فلابد من البلوغ أن يكون رشيداً، أما إذا لم يبلغ فلا يعطى ولو كان حافظاً للمصحف، وإن كان مراهقاً ينتظر حتى يبلغ، وإذا بلغ ولكنه غير رشيد لا يعطى، قال الإمام أبو حنيفة: حتى ولو كان شيخاً، لكن لا يحسن التصرف فلا يعطى ماله؛ لأنه لا يزال سفيهاً.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فمن آنس رشده دفع إليه ماله إذا بلغ وأشهد عليه ذكراً كان أو أنثى].
لقول الله تعالى: {فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا} [النساء:٦]؛ لأن هذا فيه قطع للنزاع وحتى لا يسول الشيطان مثلاً للصبي أن يطالب الولي ويقول: ما أعطاني مالي، فإذا أشهد صار هناك قطع للاحتمالات.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإن عاود السفه أعيد عليه الحجر].
يعني: صبي بلغ ورشد ثم بعد ساعات عاود السفه فأصبح سفيهاً فإنه يرجع إليه الحجر ونحجر عليه مرة ثانية.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولا ينظر في ماله إلا الحاكم، ولا ينفك عنه الحجر إلا بحكمه].
لا ينظر في ماله إلا الحاكم الشرعي، هو الذي ينظر في أموال اليتامى والقصار إذا حصل إشكال، وكذلك الحجر لا ينفك عنه إلا بالرجوع إلى الحاكم، فهو الذي يفك عنه، فإذا أراد أن يفك عنه الحجر رجع إلى القاضي.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولا يقبل إقراره في المال، ويقبل في الحدود والقصاص والطلاق].
يعني: الصبي لا يقبل إقراره في المال مادام محجوراً عليه، لكن في القصاص يقبل إقراره إذا أقر بذنب، أو طلق زوجته إذا كان متزوج وهو صغير، أو أقر بأنه ارتكب حداً يقام عليه الحد؛ لأن هذا ليس فيه شيء من المال، لكن فيما يتعلق بالمال لا يقبل إقراره.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإن طلق أو أعتق نفذ طلاقه دون إعتاقه].
يعني: إذا كان الصبي له زوجة وله عبد يملكه، ثم طلق زوجته وأعتق عبده ينفذ الطلاق ولا ينفذ العتق؛ لأن إعتاق العبد فيه إضاعة لماله، بخلاف الطلاق، والرواية الثانية في المذهب أنه ينفذ عتقه؛ لأن الشارع يتشوق إلى العتق.