[صلاة الخوف]
وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف على أنحاء مختلفة وقال الإمام أحمد: وردت صلاة الخوف على سبعة وجوه كلها ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم منها: أنه -صلى الله عليه وسلم- صلى مرة تجاه العدو، فصفهم صفين، يكبر ويكبرون، ويركع ويركعون، فإذا جاء السجود سجد هو والصف الذي يليه، وجلس الصف الثاني يحرس فإذا قام من الركعة الثانية تقدم الصف الثاني، وتأخر الصف الأول، ثم يركعون جميعاً، ثم يسجدون، ويبقى الصف الثاني يحرس، فإذا سلم الإمام قضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة هذا وجه من الوجوه وهناك وجوه أخرى، منها: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهؤلاء ركعتين، وبهؤلاء ركعتين.
ومن الأوجه أيضاً: أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم ركعة، ثم أتموا لأنفسهم وذهبوا يحرسون ثم جاءت الطائفة الثانية وصلى بهم ركعة وسلم بهم، فقد جاءت على أنحاء مختلفة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [فإن كان قريباً منها لزمته الصلاة إلى عينها].
أي: أنه إذا كان قريباً من الكعبة يشاهدها فلابد من أن يصيب عينها، وبعض الناس في المسجد الحرام تجده مائلاً عن الكعبة، فلا تصح الصلاة، بل لابد أن يكون مواجهاً للكعبة.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن كان بعيداً فإلى جهتها، وإن خفيت القبلة في الحضر سأل واستدل بمحاريب المسلمين، فإن أخطأ فعليه الإعادة، وإن خفيت في السفر اجتهد وصلى، ولا إعادة عليه].
أي: أن هناك فرق بين الحضر والسفر، فإذا كان في البلد فيسأل، ويستدل على المسجد، وينظر إلى محاريب المساجد، فإن اجتهد وصلى إلى غير القبلة فيجب عليه أن يعيد صلاته؛ لأنه غير معذور ما دام في البلد، بل لابد أن يسأل أو ينظر في المحاريب، وأما في البر فإنه يجتهد بحسب العلامات التي يعرفها، فإذا كان في الليل فينظر إلى نجم القطب، وينظر إلى الشمس وإلى القمر، ويسأل من يثق به، فإذا صلى إلى القبلة فصلاته صحيحة، فإن تبين بعد ذلك أنه صلى إلى غير جهة القبلة فلا يعيد؛ لأنه معذور، بخلاف إذا كان في الحضر.
وإذا صلى المصلي أمام الإمام فلا تصح صلاته.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن اختلف مجتهدان لم يتبع أحدهما صاحبه، ويتبع الأعمى والعامي أوثقهما في نفسه].
فإذا كان هناك شخصان في السفر ثم اجتهدا، فقال أحدهما: القبلة هنا، وقال الثاني: القبلة هنا.
فكل منهما يعمل على اجتهاده، ويصلي وحده، ولا يصليان معاً وإنما هذا يصلي إلى الجهة التي اجتهد، وهذا يصلي إلى الجهة التي اجتهد.
والأعمى يقلد أوثقهما، فإذا كان هناك أوثق فيصلى معه، وكذلك الذي ليس عنده علامات، والذي لا يعرف فهو مثل الأعمى فيقلد أوثقهما.
وكل منهما صلاته صحيحة، وكل له اجتهاده.