للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حكم تأجير السيارات على أن يدفع السائق لصاحبها كل يوم مبلغاً معيناً

ومثله الآن تأجير السيارة على النصف أو الربع أو الثلث وأما ما يفعله بعض الناس الآن من كونه يعطيه سيارته ويقول له: كل يوم تعطيني أربعة آلاف أو خمسة آلاف فهذا غرر وفيه مخاطرة، فقد لا يربح المستأجر هذا المبلغ، ولذلك تجد السائقين يتهورون ويسرعون ويخاطرون من أجل أن يحصل على ما يسدد به لصاحب السيارة وعلى ربحه، فتجده يسهر ويتعب، فالتحديد غرر ولا يصح وهو غلط؛ لأنه قد لا يحصل شيئاً في بعض الأيام.

وهذا غرر وظلم وطريقة الخروج منه أن يشتغل بالسيارة بأحد أمرين: إما بالراتب، فيعطيه راتباً شهرياً ويكون الباقي لصاحب السيارة وإما أن يعطيه نسبة مما يكسب، فيعطيه الربع أو الخمس أو السدس أو عشرة في المائة أو عشرين في المائة أو خمسة وعشرين في المائة أو ثلاثين في المائة، والباقي لصاحب السيارة، فهذا لا بأس به فأما أن يفرض عليه أن يأتيه كل يوم بمبلغ معين فهذا غرر وظلم ويترتب عليه مشاكل متعددة كما هو الواقع، ولكن بعض الناس لا يبالي والعياذ بالله.

وقد يقال: إنه إذا أجر له السيارة مثل إيجار البيت يشتغل عليها فلا بأس بهذا الإيجار، فيكون مثلاً شهرياً أو يومياً والدليل على هذا ما أخرجه البخاري أن الزبير كان له كذا وكذا من العبيد وكان يطلب من كل أحد منهم كل يوم ديناراً وقد كان هؤلاء العبيد أصحاب صناعات ومهن، وكان منهم أبو لؤلؤة المجوسي الذي قتل عمر رضي الله عنه فجاء إلى عمر يشتكي المغيرة ويقول: إنه يطلب مني كل يوم درهمين أو كذا، فسأله عمر عن الصناعة التي في يده وقال له: أنت تصنع كذا وكذا وكذا والدرهمان ليست كثيرة عليك فحنق عليه وتوعده.

وإذا أعطى شخصاً -مثلاً- خمسين وقال: إن كسبت هذه التجارة فلي ثلاثين في المائة وإن لم تكسب تكون سلفة عليك فلا يصح هذا؛ لأنه عقدين في عقد، وهذا عقد غرر، وإذا أراد أن يعطيه سلفة فليعطه من غير أن يشترط عليه جزءاً من الربح.

والفرق بين أن يعطيه السيارة على أن يعطيه كل يوم مبلغاً معيناً وبين الإجارة: أن شرطه هذا ليس عن رضا العامل، وإنما هو مجبر على القبول وإلا فُصل.

ولو كان راضياً فهو أيضاً مضطر إلى هذا العمل.