للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حكم الإحرام لمن دخل مكة]

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ولا يجوز لمن أراد دخول مكة تجاوز الميقات غير محرم].

أي: لا يجوز لمن دخل مكة أن يتجاوز الميقات إلا وهو محرم، وهذا من خصائص مكة: أن كل من دخلها يجب عليه أن يحرم.

هذا هو المذهب: أن كل من أراد دخول مكة سواء أراد العمرة أم لم يردها، فلابد عليه أن يحرم، وقالوا: هذا من خصائص مكة، وهذا هو مذهب الحنابلة وجماعة غيرهم.

والقول الثاني: أنه لا يجوز الإحرام إلا لمن قصد الحج أو العمرة، أما من دخل مكة لا يريد العمرة وإنما دخلها للزيارة أو لطلب العلم أو للتجارة أو لأي مقصد آخر فلا يجب عليه الإحرام، وهذا أرجح القولين؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس لما وقت المواقيت: (هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج أو العمرة).

وسيذكر المؤلف أنه يستثنى من هذا الذي يتكرر خروجه مثل الحطاب، فهذا وأمثاله يستثنى من وجوب الإحرام عند كل دخول لمكة للمشقة.

وكذلك من دخلها لقتال مباح، كما دخل النبي صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر ولم يحرم؛ لأنه جاء لفتحها.

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [إلا لقتال مباح، وحاجة تتكرر كالحطاب ونحوه].

قوله: (إلا لقتال مباح)؛ لأنه فعل النبي صلى الله عليه وسلم: فإنه دخل مكة عام الفتح ولم يحرم.

وكذلك الذي يتكرر خروجه كالحطاب وأشباهه، فهذا مستثنى لمشقة التكرر.

قول المؤلف رحمه الله تعالى: [ثم إذا أراد النسك أحرم من موضعه].

يعني: الذي دخل مكة ولم يقصد الحج أو العمرة أو تكرر دخوله لحاجة كالحطاب، فهذا معفو عنه، لكن إذا أراد أن يحرم بعد ذلك، يحرم من مكانه، ولو من مكة؛ لأنه لم تكن له نية سابقة أن يحرم، فأصبح حكمه الآن حكم أهل مكة، وإذا أراد العمرة خرج للإحرام من الحل إن كان في مكة.

ولو أن امرأة اعتمرت واشترطت إذا نزل عليها الحيض أن تحل، فنزل عليها الحيض ولم تكن في مكة بعد، ثم طهرت، فهل تحرم من الحل أم لابد أن تذهب إلى الميقات، علماً أنها أحرمت أولاً من الميقات، واشترطت ثم تحللت، وبقيت في مكة حتى طهرت، فهذه لا تزال على إحرامها فتطوف وتسعى، فإذا طهرت اغتسلت وطافت وسعت وقصرت.

أما بالنسبة لاشتراطها فكيف تشترط وهي تريد الجلوس؟ إنما تشترط التي لا تستطيع الجلوس، أو أن رفقتها لن يجلسوا معها، أو أن زوجها لن يجلس معها، فهذه اشترطت من أجل أن تسافر وتتحلل، أما هذه في قول لبعض أهل العلم تسمى محصورة ومنعها كمن حصره العدو؛ فتتحلل ولا شيء عليها بناء على اشتراطها.