[الإحرام ومستحباته]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب الإحرام من أراد الإحرام استحب له أن يغتسل ويتنظف ويتطيب، ويتجرد عن المخيط، ويلبس إزاراً ورداء أبيضين نظيفين].
من أراد الإحرام يستحب له الاغتسال؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم تجرد لإهلاله واغتسل، وأمر أسماء بنت عميس وهي نفساء لما ولدت بـ محمد بن أبي بكر أن تستر بثوب وتغتسل للإحرام، وأمر عائشة لما حاضت أن تغتسل عند الإهلال وهي حائض.
فدل هذا على مشروعية الاغتسال لمن أراد الحج أو العمرة إذا أراد أن يحرم، والرجل يتجرد عن المخيط ويلبس إزاراً ورداء أبيضين نظيفين جديدين أو مغسولين، ويخلع ثيابه كالسروال والفنيلة، ويكشف رأسه، ولا يكون عليه إلا إزاراً يشد به النصف الأسفل من السرة إلى ما تحت الركبة، ورداء يضعه على كتفيه.
أما المرأة فإنها تحرم بما شاءت، ولا تكشف رأسها، ولا وجهها إذا كانت عند رجال أجانب، وتحرم بما شاءت، والرجل أيضاً لا يلبس الشراب ولا القفازين ولا الخفين لستر الكعبين وهو محرم.
أما المرأة فتلبس الشراب؛ لأنها عورة فتبقى عليها ثيابها وخمارها على رأسها، والوجه تكشفه إذا لم يكن عندها رجال أجانب، فإن كانوا عندها سترت وجهها لكن بغير النقاب، ولا تلبس المخيط على قدر الوجه وهي محرمة، وكذلك على قدر اليدين، وإنما تغطي وجهها ويديها بالخمار لا بالمخيط؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين)، والبرقع أشد منعاً من باب أولى، والمخيط هو: ما خيط على قدر العضو كالوجه واليدين والقدمين.
والإحرام المراد به: نية الدخول في النسك، فليس هو التجرد من المخيط والاغتسال والتطيب، هذه أمور مستحبة قبل الإحرام؛ فإنه يتهيأ له بالاغتسال والتطيب ولبس الإزار والرداء.
وإن كان بحاجة لأن يأخذ من الأظافر والإبط فيفعل، سيما في الماضي؛ لأن المدة كانت تطول عليهم، فيستحب أن يتعاهدها إن كانت طويلة، أما إذا لم تكن طويلة فلا حاجة.
أما عن الحكمة من عد العاشر من ذي الحجة في أشهر الحج ولا يصلح الإحرام فيه؛ فلأنه من ذي الحجة، وهو يوم العيد ولا يصام فيه، وهذا من باب التغليب، وإلا فمعلوم أنه في آخر يوم عرفة يستطيع أن يحرم وبعدها لا يستطيع؛ لأن الحج انتهى.
وكذا في ليلة العيد للمتأخر يجب عليه أن يبادر، فقد يقال: إنها ليلة العيد وهي أيضاً تابعة لليوم.
نعود إلى مسألة لبس المخيط فنقول: يوجد الآن إزار مخيط يشبه السروال، فهذا لا ينبغي لبسه للمحرم، وحكمه حكم المخيط، فتركه أولى، وكان الشيخ محمد بن عثيمين وفقه الله يفتي بأن لبس هذا لا بأس به، لكن هذا فيه نظر، وقد تأملنا هذه الفتوى مع بعض المشايخ فلم يظهر لنا وجه فتوى فضيلته وفقه الله؛ لأن هذا من المخيط، فهو داخل في حكمه، والشيخ يتساهل في هذا، لكن ما ظهر لي إلى الآن أن الفتوى وجيهة في هذا.
ولا بأس أن يلبس أبيض أو ملوناً، لكن الأبيض أفضل.
ولا يلبس المحرم قميصاً؛ لأنه منصوص عليه من النبي صلى الله عليه وسلم فقال: (لا يلبس قميصاً)، وذلك عندما سئل ما يلبس المحرم فقال: (لا يلبس القميص ولا البرانس ولا العمامة ولا الخفاف ولا السراويل ولا شيئاً مسه زعفران أو ورس)، فهذه نص عليها النبي صلى الله عليه وسلم.
والعلماء قالوا: ما جاء في المخيط نص، لكن لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم -في حديث ابن عمر - ما يلبس المحرم قال: (لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا الخفاف، ولا ثوب مسه زعفران أو ورس) فقيس عليه.