قال المؤلف رحمه الله تعالى:[وإن سلم عن نقص في صلاته أتى بما بقي عليه منها ثم سجد].
أي: إذا نقص من صلاته فإنه يأتي بما بقي عليه، ثم يسجد، ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين، ثم يسلم، والسجود كله يكون قبل السلام إلا في حالتين: إذا سلم عن نقص، وإذا بنى على غالب ظنه.
أما الحالة الأولى: فكما ثبت في حديث أبي هريرة: (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى إحدى صلاتي العشي ركعتين، ثم سلم، ثم قام إلى خشبة معروضة في مؤخر المسجد واتكأ عليها كأنه غضبان) والصحابة سكتوا ما نبهوه؛ لأنهم ظنوا أنه نزل عليه الوحي فقصرت الصلاة، فسكت الصحابة، والصفوف على حالها، (فجاء رجل في يديه طول يقال له: ذو اليدين -وهو الخرباق - وقال: يا رسول الله! أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لم أنس ولم تقصر، فقال الخرباق: بلى، قد كان بعض ذلك) يعني: إما نسيت وإما قصرت الصلاة، والنبي صلى الله عليه وسلم مستمر في نسيانه، وهذا من حكمة الله حتى يكون تشريعاً للأمة، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم سلم وقال:(أحق ما يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم)، وهذا الكلام في أثناء الصلاة إنما هو لمصلحة الصلاة فلا يضر، (ثم جلس النبي صلى الله عليه وسلم واستقبل القبلة، فقام وأتى بركعتين، ثم سلم، ثم سجد سجدتين ثم سلم)، فدل هذا على أن المصلي إذا سلم عن نقص فإنه يأتي بما نقص من صلاته ويكمل صلاته، ثم يسلم، ثم يسجد سجدتين، ثم يسلم، فهذه الحالة الأولى.
وأما الحالة الثانية: فكما في حديث ابن مسعود بمعناه: (إذا شك أحدكم فليتحر الصواب وليتم ما عليه، ثم ليسلم، ثم يسجد سجدتين بعد أن يسلم).
أما إذا لم يكن عنده غلبة الظن فإنه يبنى على اليقين، ويسجد قبل السلام، كأن شك أصلى ركعتين أم ثلاثاً، وما عنده غلبة الظن، فيجعلها ركعتين -وهو اليقين والأقل- ويسجد سجدتين قبل السلام، وكما لو شك في الطواف أو السعي فإنه يبني على اليقين وهو الأقل.