[شروط وجوب زكاة الحبوب والثمار]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [باب زكاة الخارج من الأرض.
وهو نوعان: أحدهما النبات: وتجب الزكاة منه في كل حب وثمر يكال ويدخر، إذا خرج من أرضه وبلغ خمسة أوسق؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس في حب ولا ثمر صدقة حتى يبلغ خمسة أوسق)].
النبات نوعان: حب وثمر، ولا تجب الزكاة فيه إلا بشروط: أحدها: أن يكون حباً وثمراً يكال، فإن كان لا يكال ويباع بالعد أو بالوزن فلا زكاة فيه.
الثاني: أن يكون حباً أو ثمراً.
والثالث: أن يكون مدخراً، أي: يصلح للادخار حتى تتم فيه النعمة.
أما إذا كان لا يدخر مثل: الخضروات والطماطم والقثاء والتفاح والبرتقال فلا زكاة فيه، فكل هذه لا تدخر، وإن كانت الآن في العصر الحاضر تثلج وقتاً من الزمن لكنها ليست طعاماً يدخر.
الرابع: أن يبلغ النصاب، والنصاب: خمسة أوسق، والوسق: ستون صاعاً، فيكون ثلاثمائة صاع هو النصاب، وذلك بصاع النبي صلى الله عليه وسلم، والصاع أربعة أمداد، والمد ملء كفي الرجل المتوسطتين، ليسا بالصغيرتين ولا الكبيرتين، أربع حفنات، فهذا صاع النبي صلى الله عليه وسلم إذا بلغ الحب أو الثمر ثلاثمائة صاع بصاع النبي صلى الله عليه وسلم وجبت فيه الزكاة، وإن كان قبل ذلك فلا زكاة فيه.
الشرط الخامس: أن يكون مملوكاً له وقت الوجوب، أن يكون الحب والثمر ملكاً للشخص قبل الوجوب، فإن ملكه بعد الوجوب فلا زكاة فيه، وهذا مثل ما يعطاه الإنسان ويكتسبه كأن يعطى أجرة حصاده، فيحصد ويعطى حباً أو ثمراً فهذا ليس فيه زكاة؛ لأنه ما ملكه في الوجوب، أو أخرجه وأخذه من الجبال وما أشبه ذلك، فهذا ليس فيه زكاة، فإذا وجدت هذه الشروط الخمسة وجب فيه الزكاة.
ولا يشترط الحول، وإنما يخرج إذا بدا الصلاح في الثمار واشتد الحب، ولا يشترط الحول إلا في بهيمة الأنعام وفي الذهب والفضة وفي عروض التجارة، أما الخارج من الأرض فلا يشترط فيه الحول، وإنما إذا وجدت هذه الشروط الخمسة واشتد الحب وبدا صلاحه وجبت الزكاة؛ لقول الله تعالى: {وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} [الأنعام:١٤١].
وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الأَرْضِ} [البقرة:٢٦٧].
وهذا تنبيه: وهو أن بعض الناس يكون عنده نخيل في البيوت ولا يخرج الزكاة، فيبلغ منها ثلاثمائة صاع، ويتساهلون يظنون أن الزكاة لا تجب إلا على المزارع والبساتين، فقد يكون عنده في البيت خمس نخلات أو عشر نخلات يخرج منها ألف كيس، أو ألفين أو ثلاثة آلاف ولا يخرج الزكاة! فهذه يجب إخراج الزكاة فيها ولو كانت في البيت، فلا يشترط أن يكون في البستان، فهذا مما ينبغي التنبيه عليه.
وقد تكون النخلة واحدة فتخرج أكثر من ثلاثمائة صاع كأن تكون نخلة جيدة من السكري أو غيره فإنه يخرج الزكاة منها، فلا ينبغي التساهل، سواء كان هذا النخل في البيت أو في الاستراحة أو في المزرعة أو في غيرها.
والزكاة تخرج من ثمر النخل إذا جفف ويبس فلا تخرج الزكاة منها رطبة، لكنها تخرص، فولي الأمر يرسل العمال يخرصون النخيل ويكون لهم الثلث أو الربع فيما ينوبهم من الحاجات والضيوف والإهداء، فإذا أخذ الثمر بعد ذلك وجففه أخرج الزكاة، كذلك الحب إذا صفي يؤخذ منه الزكاة، ولا يؤخذ وهو في سنبله إلا بعد تصفيته.