قال المؤلف رحمه الله تعالى:[ويجوز استعمال سائر الآنية الطاهرة واتخاذها].
ويجوز استعمال سائر الأواني الطاهرة واتخاذها، سواء كانت هذه الأواني من نحاس أو من حديد أو من زجاج أو رصاص أو خشب أو حجر أو غيرها، إلا الذهب والفضة فإنه لا يجوز استعمالهما، وما عداه فإنه يجوز استعماله من أي نوع كان.
وأما إذا كانت من الماس أو من غيره من الجواهر فهذه لا ينبغي للإنسان أن يستعملها؛ لأن فيها نوعاً من الإسراف، وينبغي للإنسان أن يستفيد من الأموال الثمينة ولا تستعمل في الأواني اليسيرة.
والمقصود: أن الذهب والفضة هما اللذان يحرم استعمالهما في الأواني، وأما ما عداهما فإنه يجوز سواء كان آنية من رصاص أو نحاس أو حديد أو زجاج أو خشب أو حجر أو حصى أو طين، فكل هذا لا بأس به.
وأما حكمه حرمة استعمال الذهب والفضة فقد بينها النبي صلى الله عليه وسلم حيث قال:(فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة) فهذه علة، ثم فيها كسر لقلوب الفقراء، وكونها من أثمان الناس، وكونها أيضاً خاصة بالمؤمنين في الجنة، قال:(فإنها لهم في الدنيا ولكم في الآخرة).
وظاهر الحديث أنه خاص بالذهب والفضة، وأما الماس وغيره فهذا يأتي من جهة الإسراف، وإذا كانت أغلى من الذهب والفضة فقد يقال: إنها أولى بالمنع، وإذا قيل: إن العلة الثمنية فتكون من باب الإسراف فلا ينبغي للإنسان أن يستعمل الشيء الغالي المرتفع الثمن في هذه الأمور، والله تعالى يقول:{وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا}[الأعراف:٣١] فيعد إسرافاً, وفي الحديث:(كل واشرب والبس في غير سرف ولا مخيلة) وهذا داخل فيه لبس الساعة والخاتم كذلك فلا يكون فيه سرف ولا مخيلة.
وأما اتخاذ الكأس من الذهب أو الملعقة للزينة فقط فلا ينبغي؛ لأنها وسيلة للاستعمال، فينبغي أن يكسرها، وأما أن يبقيه عنده مثل كأس الذهب فيضعه في المجلس أمام الناس فهذا وسيلة لاستعماله، وقد ثبت: أن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه طلب ماءً، فجاء له مجوسي بإناء من ذهب أو فضة، فرماه به فقال: لولا أنه فعله غير مرة لما فعلت ذلك.
ويحتمل أنه أبقاه لأسباب، وهذا ثبت في صحيح البخاري، والمقصود أنه ينبغي أن يكسر ولا يبقى؛ لأن إبقاءه كإناء وسيلة للاستعمال، فإذا وجد عنده قلم من ذهب فهو وسيلة للاستعمال ولو لم يستعمله، والمكحلة من الذهب كذلك إبقاؤها وسيلة للاستعمال، حتى وإن كان للنساء؛ لأنها يمكنها أن تستعمل ذلك بغير الذهب والفضة، وليس هذا من التحلي.