[أحق الناس بغسل الميت ودفنه والصلاة عليه]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأحق الناس بغسله والصلاة عليه ودفنه وصيه في ذلك، ثم الأب].
إذا كان له وصي فإنه يقدم، وإذا قال الميت: يغسلني فلان يقدم، ويصلي علي فلان فيقدم، فيغسله ويصلي عليه ويدفنه، فإن لم يكن له وصي فإنه يقدم أبوه، ثم جده على حسب العصبات، ثم الابن، ثم ابن الابن وهكذا، وإذا أحب أن يكل ذلك إلى غيره فلا بأس.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وأحق الناس بغسله والصلاة عليه ودفنه وصيه في ذلك، ثم الأب ثم الابن، ثم الأقرب فالأقرب من العصبات].
الأب ثم الجد ثم الابن، ثم ابن الابن، ثم الأخ الشقيق، ثم الأخ للأب، ثم ابن الأخ الشقيق، ثم الأخ لأب، ثم العم الشقيق، ثم العم لأب، ثم ابن عم الشقيق، ثم ابن عم الأب، ثم المعتق وهكذا حسب العصبات، الأقرب فالأقرب.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وفي غسل المرأة الأم ثم الجدة ثم الأقرب فالأقرب من نسائها].
كما سبق في الرجل، إذا كان لها وصية فوصيتها تقوم بالأمر، ثم الأم، ثم الجدة، ثم البنت وهكذا، والأقرب فالأقرب من نسائها.
أما الزوجان لكل واحد أن يغسل الآخر كما سيأتي، الزوجة يغسلها زوجها، والزوج يغسله زوجته.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [إلا أن الأمير يقدم في الصلاة على الأب ومن بعده].
لأن له الولاية العامة، ويقدم على الوصي في الصلاة خاصة؛ لأن له الولاية العامة.
وإمام المسجد الظاهر أنه لا يقدم إلا إذا سمح له، والشارح تكلم عن هذه المسألة.
قال الشارح: مسألة: إلا أن الأمير يقدم في الصلاة على الأب ومن بعده؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه)، وروى الإمام أحمد بإسناده أن عماراً مولى بني هاشم قال: شهدت جنازة أم كلثوم بنت علي فصلى عليها سعيد بن العاص وكان أمير المدينة، قال: وخلفه يومئذ ثمانية من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ابن عمر والحسن والحسين وزيد بن ثابت وأبو هريرة، ولأنها صلاة شرع لها الاجتماع فأشبهت سائر الصلوات، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على الجنائز مع حضور أقاربها والخلفاء، ولم ينقل أنهم استأذنوا ولي الميت في التقدم.
فالظاهر أن إمام المسجد له ولاية خاصة، وهي إمامة المسجد.
وولي الأمر يقدم على إمام المسجد؛ لأنه هو الخليفة، وهو إمام المسجد، ومن بعد موته ليس هناك إمامة، وعبد الرحمن لما تقدم فـ عمر هو الذي قدمه ليخلفه لما طعن، فليس هناك أمير ولا إمام حتى يقال: إنه قدم عليه.
ولم يذكر الزوجين، ولكن لكل واحد الحق أن يغسل الآخر، فالزوجة لها أن تغسل زوجها كما غسلت أسماء بنت عميس أبا بكر الصديق لما توفي، وخرجت إلى الناس في يوم بارد شديد البرد، وسألتهم: هل علي غسل؟ قالوا: لا، فدل على أنه لا يجب الغسل من تغسيل الميت، وكذلك علي رضي الله عنه غسل زوجته فاطمة، فدل على أن الزوجة تغسل زوجها والزوج يغسل زوجته، وما عدا الزوجين فليس للرجل أن يغسل المرأة ولو كانت من محارمه ما عدا الزوجة، فالمرأة تغسلها النساء، وكذلك أيضاً الزوجة ليس لها أن تغسل الرجال ولو كان أباها أو أخاها، فلا تغسل إلا زوجها.
فالزوجان يغسل أحدهما الآخر؛ لأن الأحكام ما زالت باقية من العدة والإرث، فالزوج تغسله الزوجة، وهي يغسلها زوجها، وما عداهم فلا يجوز فإذا ماتت امرأة ولا يوجد امرأة أخرى تغسلها وليس لها زوج فإنها تيمم ولا يغسلها الرجال، وكذلك الرجل إذا مات بين النساء وليس معه زوجة فإنه ييمم ولا تغسله النساء؛ لأن المرأة لا يغسلها إلا النساء والرجل لا يغسله إلا الرجال، ما عدا الزوجين فإنه يحق لكل واحد أن يغسل صاحبه، فإذا لم يوجد أحدهما ومات رجل بين النساء أو امرأة بين الرجال ييمم ولا يغسل.
والأموات لم يكن يصلى عليهم في المسجد مثلما عندنا اليوم، وإنما كان يوجد مصلى مثل مصلى العيد خارج البلد، كان يعرف بمصلى الجنائز، والآن صار المصلى في المسجد، وفي هذه الحالة الإمام إنما سلطانه في إمامة الفرائض، أما الجنائز فليس له سلطان، ففي هذه الحالة يقدم الوصي على الإمام، فالناس كانوا يصلون في مكان معد للجنائز خارج المسجد، فلهذا يقدم الوصي، ولا يوجد إمامة، ولا أحد له ولاية إلا الأمير، وما عداه فإنه يتقدم الوصي، فإذا كان في المسجد فيحتمل أن يقال: إن الإمام له ولايته في الصلاة الخاصة أي: الفريضة أما صلاة الجنازة فليس له ولاية فيصلي وصيه، وليس ببعيد.
وأما الصبي الذي هو دون السبع فليس له عورة، يغسله الرجال أو النساء، الذكر دون السبع يجوز أن تغسله النساء، والأنثى دون السبع يغسلها الرجال ليس لها عورة.
ولا يغسل المرأة الرجال لأن المقام مقام فتنة، ولهذا المرأة لا بأس أن ينزلها في قبرها غير محارمها؛ لأنه ليس المقام مقام فتنة، ويحتمل أن ييممها من وراء الخمار إذا خيف الفتنة، فالرجل لا يغسل المرأة، وبالنسبة للكفن فإنها تكفن في ثيابها التي عليها، ويجعل عليها زيادة لفائف.