والنكرة المضافة التي لم تتعرف تقع في جميع هذه المواقع، قال جرير:
(ظَلِلْنا بُمسْتَنَّ الحرورٍ كأننا ... لدى فَرَسٍ مستقبلِ الريح صائمِ)
أغر من البُلْقِ العِتاقِ يَشُفه ... أذى البَقّ إلا ما احتمى بالقوائمِ
الشاهد فيه على إنه وصف (مستقبل الريح) بـ (صائم) و (مستقبل الريح) مضاف إلى معرفة لم يتعرف بها فهو في حكم نكرة غير مضافة، ولذلك نعت بـ (صائم).
ومستن الحرور: الموضع الذي تجري فيه الريح الحارة، والحرور: الريح الحارة، والصائم: الواقف. وأراد أنهم ظلوا نازلين نصف النهار في يوم شديد الحر في فلاة، وأنهم حين نزلوا مدوا ثوبا وشدوه بسيوفهم وقسبهم، وجلسوا تحته يستظلون به، فكلما دخلت الريح فيه تحرك واضطرب. فكأنه فرس قائم، كلما قرصه البق رفع قوائمه ليذب عن نفسه ويطير البق، ويسفه: يؤذيه.
شبه تحرك الثياب التي شدوها، ويتحرك الفرس الذاب عن نفسه البق وهو قائم. واحتمى: امتنع، و (أغر) وصف للفرس. وإنما جعله ابلق؛ لأن الثياب التي نصبوها وشدوها هي ألوان، فلذلك جعل الفرس أبلق.