قال البديع: حدثنى عيسى بن هشام قال: اشتهيت الأزاذ، وأنا ببغداذ «١» ، وليس معى عقد، على نقد «٢» ، فخرجت أنتهز محالّه، حتى أحلّنى الكرخ «٣» ؛ فإذا أنا بسوادىّ يحدو بالجهد حماره، ويطرّف بالعقد إزاره «٤» ؛ فقلت:
ظفرنا والله بصيد، وحيّاك الله أبا زيد! من أين أقبلت؟ وأين نزلت؟ ومتى وافيت، فهلمّ إلى البيت. فقال السّوادى: لست بأبى زيد، وإنما أبو عبيد! فقلت: نعم لعن الله الشيطان، وأبعد النّسيان، أنسانى طول العهد بك، كيف أبوك، أشابّ كعهدى، أم شاب بعدى؟ «٥» قال: قد نبت المرعى على دمنته «٦» ، وأرجو أن يصيّره الله إلى جنّته، فقلت: إنّا لله، ولا قوة إلا بالله، ومددت يد البدار، إلى الصّدار «٧» أريد تمزيقه، وأحاول تخريقه «٨» فقبض السوادىّ على خصرى بجمعه «٩» ؛ وقال: نشدتك بالله لا مزّقته، فقلت:
فهلم إلى البيت نصب غداء، أو إلى السوق نشترى شواء؛ والسوق أقرب، وطعامه