أطيب، فاستفزّته حمة القرم «١» ، وعطفته عطفة النّهم، وطمع، ولم يعلم أنه وقع، ثم أتيت شوّاء يتقاطر شواؤه عرقا، ويتسايل جوذابه مرقا «٢» ، فقلت: أبرز لأبى زيد من هذا الشواء، ثم زن له من تلك الحلواء، واختر من تلك الأطباق، ونضّد عليها أوراق الرقاق، وشيئا من ماء السّمّاق «٣» ؛ ليأكله أبو زيد هنيا.
فأنحى الشّوّاء بساطوره «٤» ، على زبدة تنّوره، فجعلها كالكحل سحقا، وكالطحين دقّا، ثم جلس وجلست، ولا نبس ولا نبست، حتى استوفيناه، وقلت لصاحب الحلواء: زن لأبى زيد من اللوزينج رطلين «٥» ، فإنه أجرى في الحلوق، وأسرى في العروق، وليكن ليلىّ العمر، يومىّ النّشر «٦» ، رقيق القشر، كثيف الحشو، لؤلؤىّ الدهن، كوكبى اللون، يذوب كالصّمغ، قبل المضغ، ليأكله أبو زيد هنيّا. فوزنه، ثم قعد وقعدت، وجرّد وجرّدت «٧» ، واستوفيناه، ثم قلت: يا أبا زيد، ما أحوجنا إلى ماء يشعشع بالثلج، ليقمع هذه الصّارة «٨» ، ويفثأ هذه اللّقم الحارة «٩» ؛ اجلس أبا زيد حتى آتيك بسقّاء، يحيينا بشربة من ماء، ثم خرجت، وجلست بحيث أراه ولا يرانى، أنظر ما يصنع به. فلما أبطأت عليه قام السّوادى إلى حماره، فاعتلق الشّوّاء بإزاره.