للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكنت إذا حللت بدار قوم ... رحلت بخزية وتركت عارا

وأجر أمورك على ما يكسب الدّعاء لنا لا علينا، واعلم أنها مدّة تنتهى، وأيام تنقضى، فإمّا ذكر جميل، وإما خزى طويل.

وقال رجل للمهدى: عندى نصيحة يا أمير المؤمنين، فقال: لمن نصيحتك هذه؟ لنا، أم لعامّة المسلمين، أم لنفسك؟ قال: لك يا أمير المؤمنين «١» ، قال:

ليس الاعى بأعظم عورة ولا أقبح حالا ممن قبل سعايته، ولا تخلو من أن تكون حاسد نعمة، فلا نشفى غيظك، أو عدوّا فلا نعاقب لك عدوّك! ثم أقبل على الناس فقال: لا ينصح لنا ناصح إلا بما فيه لله رضا، وللمسلمين صلاح؛ فإنما لنا الأبدان وليس لنا القلوب؛ ومن استتر عنّا لم نكشفه، ومن بادانا طلبنا توبته، ومن أخطأ أقلنا عثرته؛ فإنى أرى التأديب بالصّفح أبلغ منه بالعقوبة، والسلامة مع العفو أكثر منها مع المعاجلة، والقلوب لا تبقى لوال لا ينعطف إذا استعطف، ولا يعفو إذا قدر، ولا يغفر إذا ظفر، ولا يرحم إذا استرحم.

ووقّع ذو الرياستين إلى تميم بن خزيمة: الأمور بتمامها، والأعمال بخواتمها، والصنائع باستدامتها، وإلى الغاية يجرى الجواد؛ فهناك كشفت الخبرة قناع الشّكّ؛ فحمد السابق، وذمّ الساقط وذو الرياستين هو القائل:

أنضيت أحرف «لا» مما لفظت بها ... فحوّلى رحلها عنّا إلى نعم

أو صيّريها إليها منك منعمة ... إن كنت حاولت فيها خفة الكلم «٢»

<<  <  ج: ص:  >  >>