للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أعرابى: أقبح أعمال المقتدرين الانتقام، وما استنبط الصواب بمثل المشاورة، ولا اكتسبت البغضاء بمثل الكبر.

قال الأصمعى: وخطبنا أعرابى بالبادية، فقال: أيّها الناس؛ إن الدنيا دار مفرّ، والآخرة دار مقرّ؛ فخذوا من مفرّكم لمقرّكم، ولا تهتكوا أستاركم عند من لا تخفى عليه أسراركم.

قال المعافر بن نعيم: وقفت أنا ومعبد بن طوق العنبرى على مجلس لبنى العنبرى، وأنا على ناقة وهو على حمار، فقاموا فبدءونى فسلّموا علىّ؛ ثم انكفئوا على معبد، فقبض يده عنهم؛ وقال: لا، ولا كرامة! بدأتم بالصغير قبل الكبير، وبالمولى قبل العربىّ، وبالمفحم قبل الشاعر، فأسكت القوم، فانبرى إليه غلام، فقال: بدأنا بالكاتب قبل الأمىّ، وبالمهاجر قبل الأعرابى، وبراكب الراحلة قبل راكب الحمار.

ووصف أعرابى قومه فقال: ليوث حرب، وغيوث جدب، إن قاتلوا أبلوا، وإنّ بذلوا أغنوا.

ووصف أعرابى قوما فقال: إذا اصطفّوا سفرت ببنهم السهام، وإذا تصافحوا بالسيوف فغر فمه الحمام.

وسئل أعرابىّ عن صديق له، فقال: صفرت عياب الودّ بينى وبينه بعد امتلائها «١» ، واكفهرّت وجوه كانت بمائها.

وقال الأصمعى: وسمعت أعرابيا يقول: إنّ الآمال قطعت أعناق الرجال، كالسراب غرّ من رآه، وأخلف من رجاه، ومن كان الليل والنهار مطيّته أسرعا السير والبلوغ به.

والمرء يفرح بالأيام يقطعها ... وكلّ يوم مضى يدنى من الاجل

<<  <  ج: ص:  >  >>