ونظير هذا التطابق بين السواد والبياض، وإن لم يكن من هذا المعنى، قول ابن الرومى:
يا بياض المشيب سوّدت وجهى ... عند بيض الوجوه سود القرون
فلعمرى لأخفينّك جهدى ... عن عيانى وعن عيان العيون
ولعمرى لأمنعنّك أن تضح ... ك في رأس آسف محزون
بسواد فيه ابيضاض لوجهى ... وسواد لوجهك الملعون
سأل أعرابيان رجلا، فحرمهما، فقال أحدهما لصاحبه: نزلت والله بواد غير ممطور، وأتيت رجلا بك غير مسرور، فلم تدرك ما سألت، ولا نلت ما أمّلت؛ فارتحل بندم، أو أقم على عدم.
قال الأصمعى: وسمعت أعرابيا يقول: غفلنا ولم يغفل الدهر عنا، فلم نتّعظ بغيرنا حتى وعظ غيرنا بنا، فقد أدركت السعادة من تنبّه، وأدركت الشقاوة من غفل، وكفى بالتجربة واعظا وقال أعرابى لرجل: اشكر للمنعم عليك، وأنعم على الشاكر لك، تستوجب من ربك زيادته، ومن أخيك مناصحته.