يودّون لو خاطوا عليك جلودهم ... ولا يدفع الموت النفوس الشحائح
وفيها يقول:
الحرّ يلحى والعصا للعبد ... وليس للملحف مثل الردّ
أسلم وحيّيت أبا الملدّ ... مفتاح باب الحدث المنسدّ
والبس طرازى غير مستردّ ... لله أيامك في معدّ
وهي طويلة، فأجزل صلته، فلما سمع ابن رؤبة ما فيها من الغريب قال:
أنا وأبى وجدّى فتحنا الغريب للناس، وإنى لخليلق أن أسدّه عليهم، فقال بشار: ارحمهم رحمك الله! قال: تستخفّ بى، وأنا شاعر ابن شاعر ابن شاعر؟
قال: إذا أنت من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيرا! فضحك كلّ من حضر.
ودخل على المهدى وعنده خاله يزيد بن منصور الحميرى، فأنشده قصيدة، فلما أتمّها قال له يزيد: ما صناعتك يا شيخ؟ قال: أثقب اللّؤلؤ، فقال له المهدى:
أتهزأ بخالى؟ فقال: يا أمير المؤمنين، فما يكون جوابى لمن يرى شيخا أعمى ينشد شعرا فيسأله عن صناعته؟
وقال جوارى المهدى للمهدى: لو أذنت لبشّار يدخل إلينا يؤانسنا وينشدنا فهو محجوب البصر، لا غيرة عليك منه، وأمره فدخل إليهن واستظرفنه، وقلن له: وددنا والله يا أبا معاذ أنك أبونا حتى لا نفارقك، قال: ونحن على دين كسرى «١» ! فأمر المهدى ألّا يدخل عليهن.
وكأن المتنبى نظر إلى هذا فقال:
يا أخت معتنق الفوارس في الوغى ... لأخوك ثمّ أرقّ منك وأرحم
يرنو إليك مع العفاف وعنده ... أنّ المجوس تصيب فيما تحكم