ودفع في صدر القيام عن التمام، ومضغ للكلام، وتكلّف لردّ السلام؛ وقد قبلت ترتيبه صعرا، واحتملته وزرا، واحتضنته نكرا، وتأبّطته شرّا، ولم آله عذرا؛ فإن المرء بالمال وثياب الجمال، ولست مع هذه الحال وفي الاسمال، أتقزّز من صفّ النعال، فلو صدقته العتاب، وناقشته الحساب، لقلت: إنّ بوادينا ثاغية صباح، وراغية رواح، وناسا يجرّون المطارف، ولا يمنعون المعارف:
وفيهم مقامات حسان وجوههم ... وأندية ينتابها القول والفعل
فلو طوّحت بأبى بكر- أيّده الله- إليهم مطارح الغربة، لوجد منزل البشر رحيبا، ومحطّ الرّحل قريبا، ووجه المضيف خصيبا؛ فرأى الأستاذ أبى بكر أيده الله فى الوقوف على هذا العتاب الذى معناه ودّ، والمرّ الذى يتلوه شهد، موفق إن شاء الله.
فأجاب بما نسخته: وصلت رقعة سيدى ورئيسى أطال الله بقاه إلى آخر السّكباج «١» ، وعرفت ما تضمّنه من خشن خطابه، ومؤلم عتابه، وصرفت ذلك منه إلى الضّجرة التي لا يخلو منها من مسّه عسر أو نبا به دهر؛ والحمد لله الذى جعلنى موضع أنسه، ومظنّة مشتكى ما في نفسه، أما ما شكاه سيدى ورئيسى من مضايقتى إياه في القيام، فقد وفيته حقّه- أيّده الله- سلاما وقياما، على قدر ما قدرت عليه، ووصلت إليه، ولم أرفع عليه إلا السيد أبا البركات [العلوى] أدام الله عزه، وما كنت لأرفع أحدا على من أبوه الرسول، وأمّه البتول، وشاهداه التوراة والإنجيل، وناصراه التأويل والتنزيل، والبشير به جبريل وميكائيل؛ فأما القوم الذين صدر عنهم سيدى فكما وصف: حسن عشرة، وسداد طريقة، وجمال تفصيل وجملة، ولقد جاورتهم فأحمدت المراد، ونلت المراد: