للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وطرأت من الشيخ العميد على شخص يسعه الخاتم، ولا يسعه العالم، ويهتزّ عند المكارم كالغصن، ويثبت عند الشدائد كالرّكن، وسلطان يحلم حلم السيف مغمدا، ويغضب مجرّدا، فهو عند الكرم ليّن كصفحته، وعند السياسة خشن كشفرته، وملك يأتى الكرم نيّة، والفضل سجيّة، ويفعل الشرّ كلفة أو خطيّة، فهو ضرور بآلاته، نفوع بذاته، عطارد قلمه ودواته، والمريخ سيفه وقناته؛ عيبه أن لا عيب فيه، فيصرف عين الكمال عن معاليه.

وصادفت من الشيخ الموفق أيّده الله ملكا يشاهد عيانا، وجبلا قد سمّى إنسانا، وحسنا قد ملىء إحسانا، وأسدا قد لقّب سلطانا، وبجرا قد أمسك عنانا، وحططت رحلى بفناء الأمير الفاضل أبى جعفر أدام الله عزّه، فوجدت حكمى في ماله أنفذ من حكمه، وقسمى من غناه أوفر من قسمه، واسمى في ذات يده مقدّما على اسمه، ويدى إلى خزانته أسرع من يده؛ وإن قصدت أن أفرد لكلّ مدحا، وأعبر الجملة شرحا، أللت هلمّ جرّا إلى ما انسخت الكتاب لأجله.

ورد للخوارزمى كتاب ينقلّب فيه على جنب الحرد، ويتقلّ على جمر الضّجر، ويتأوّه من خمار الخجل، ويتعثّر فى أذيال الكلل، ويذكر أنّ الخاصة قد علمت لأينا كان «١» الفلج، فقلت: است البائن أعلم، والخوارزمى أعرف، والأخبار المتظاهرة [أعدل، والآثار الظاهرة] أصدق، وحلبة السباق أحكم، وما مضى بيننا أشهد، والعود إن نشط أحمد، ومتى استزاد زدنا، وإن عادت العقرب عدنا، وله عندى إذا ما شاء، كلّ ما شاء! وهى طويلة فيها هنات ضنت الكتاب عنها، وقد أعاد البديع معنى قوله فى صدر حكايته مع الخوارزمى، فقال فى رقعة كتبها إلى سعيد الإسماعيلى، وقد وقفت به الضرورة على تلك الصورة من سلب العرب ماله:

كتابى، بل رقعتى، أطال الله بقاء الشيخ، وقد بكرت علىّ مغيرة

<<  <  ج: ص:  >  >>