من بعض السطوح، وجفاه القاسم بن عبيد الله؛ فجعل سبب ذلك المعنيين المغنيتين، وكتب إلىّ:
أيها المتحفى بحول وعور ... أين كانت عنك الوجوه الحسان
قد لعمرى ركبت أمرا مهينا ... ساءنى فيك أيها الخلصان
فتحك المهرجان بالحول والعو ... ر أرانا ما أعقب المهرجان
كان من ذاك فقدك ابنتك الحرّة ... مصبوغة بها الاكفان
وتجافى مؤمّل لى جليل ... لجّ فيه الجفاء والهجران
وعزيز علىّ تقريع خلّ ... لا يدانيه عندى الخلّان
غير أنى رأيت إذكاره الحز ... م وإشعاره شعارا يصان
لا تهاون بطيرة أيّها ... النظار واعلم بأنها عنوان
قف إذا طيرة تلقّتك وانظر ... واستمع ثمّ ما يقول الزّمان
قلما غاب من أمورك عنوا ... ن مبين وللزّمان لسان
لا تكن بالهوى تكذّب بالأخبار ... حتى تهين مالا يهان
لا يقدك الهوى إلى نصرة الاخبار ... حتى يقدّم البرهان
إن عقبى الهوى هوىّ، وعقبى ... طول تلك المهوّنات هوان
لا تصدق عن النبيين إلّا ... بحديث يلوح فيه البيان
خبّر الله أنّ مشأمة كا ... نت لقوم وخبّر القرآن
أفزور الحديث تقبل أم ما ... قاله ذو الجلال والفرقان؟
أترى من يرى البشير بشيرا ... يمترى في النذير يا وسنان
فدع الهزل والتضاحك بالطيرة ... والنصح مثمن مجّان
وقد فرّق حذّاق أهل النظر في المقال، بين الطيرة والفال، فقالوا: الطيرة كانت العرب ترجع إلى ما تمضيها، وتجرى على تقضيها، وكان الذى يهمّ بهم إذا ما رأى ما يتطير منه رجع عنه؛ وفي ذلك ما يصرف عن الإحالة على المقادير