قال: قد وفيت بما عليك قولا، إن وفيت به فعلا؛ والله ولىّ كفايتك ومعونتك.
قال المهدى للفضل بن الربيع: إنى قد ولّيتك ستر وجهى وكشفه، فلا تجعل الستر بينى وبين خواصّى سببا لضغنهم بقبح ردّك، وعبوس وجهك؟
وقدّم أبناء الدعوة؛ فإنهم أولى بالتقديم، وثنّ بالاولياء، واجعل للعامة وقتا إذا دخلوا أعجلهم ضيقه عن التلبّث، وصرفهم عن التمكّث.
وقال الحسن بن سهل: إذا كان الملك محتجبا عن الرعيّة، ولم ينزل الوزير نفسه منزلة تكون وسائل الناس إليه أنفسهم واستحقاقهم دون الشفاعات والحرمات، حتى يختصّ الفاضل دون المفضول، ويرتّب الناس على أقدارهم وأوزانهم ومعرفتهم، امتزج التدبير، واختلّت الأمور، ولم يميزّ بين الصدور والاعجاز، والنواصى والأذناب، وكان الناس فوضى، ووهت أسباب الملك، وانتقضت مرائره، وشاعت سرائره، وإنّ أقرب ما أرجو به صلاح ما أتولّاه استماعى من المتنّسمين بأنفسهم، المتوسلين بأفهامهم، المتوصّلين بكفايتهم، وابتذال نفسى لهم، وصبرى عليهم، وتصفحى ما توسلوا به وانتحلوه: من العقول والآداب، والحماية والكفاية. فمن ثبتت له دعواه أنزلته تلك المنزلة، ولم أتحيّفه حقّه، ولا نقصته حظّه، ومن قصّر عما ادّعى كانت منزلته منزلة المقصرين، ولم أخيّب أمله من مقدار ما يستحقّه.
وقال بعض البلغاء: إذا أسدل الوالى على نفسه ستر الحجاب، وهي عمود تدبيره؛ واسترخت عليه حمائل الحزم، وازدلفت إليه وفود الذمّ، وتولّى عنه رشد الرّاجى، ونال أموره خلل الانتشار، وآفة الإهمال، وتسرّع إليه العائبون بلواذع ألسنتهم ودبيب قوارضهم.
وحجب سعيد بن عبد الملك عن عبيد الله بن سليمان فكتب إليه: سرت إلى بابك- أعزّك الله- عند ما حدث من أمرك، فلم يقض لقاؤك، وعلمت أنّ