ثقتك بما عندى، قد مثّلت لك حالى من السرور بنعمة الله عندك، وأرتك موضعى من الاعتداد بكل ما خصّك ووصل إليك، فوكلت العذر إلى ذلك.
ثم إنّا نأتيك متيمّنين بطلعتك، مشتاقين إلى رؤيتك، فيحجبنا عنك ملاحظ.
وهو كما علمت زنيم الصنيعة، لئيم الطبيعة، يحجب عنك الكرام، ويأذن عليك للّئام، كلما نجمت له يد بيضاء، أتبعها يدا سوداء؛ فإن رأيت- أعزّك الله- أن تصرفه عن باب مكارمك فعلت، إن شاء الله.
وقال أبو السمط بن أبى حفصة:
فتى لا يبالى المدلجون بنوره ... إلى بابه ألّا تضىء الكواكب
له حاجب في كلّ خير يعينه ... وليس له عن طالب العرف حاجب «١»
أخذ البيت الأول من قول جده مروان بن أبى حفصة الأكبر:
إلى المصطفى المهدىّ خاضت ركابنا ... دجى الليل يخبطن السّريح المخدّما «٢»
يكون لها نور الإمام محمد ... دليلا به تسرى إذا الليل أظلما
وقال إدريس بن أبى حفصة، وذكر إبلا:
لها أمامك نور تستضىء به ... ومن رجائك في أعناقها حادى
لها أحاديث من ذكراك تشغلها ... عن الرّتوع وتلهيها عن الزّاد
وأصله قول عمرو بن شأس الأسدى:
إذا نحن أدلجنا وأنت أمامنا ... كفى لمطايانا بوجهك هاديا
أليس يزيد العيس خفّة أذرع، ... وإن كنّ حسرى، أن تكون أماميا «٣»
وقال بعض أهل العصر:
وليل وصلنا بين قطريه بالسّرى ... وقد جدّ شوق مطمع في وصالك