فما حفظوا العهد الذى كان بيننا ... ولا حين همّوا بالقطيعة أجملوا
فتسلّت وقالت: هذا أجلّ عوض، وأفضل خلف، فالحمد لله الذى خلف على حرمه وأمته مثل هذا.
وقال عروة بن أذينة: أنشدت ابن أبى عتيق للعرجى:
فما ليلة عندى وإن قيل ليلة ... ولا ليلة الأضحى ولا ليلة الفطر
بعادلة الإثنين، عندى وبالحرى ... يكون سواء مثلها ليلة القدر
وما أنس م الأشياء لا أنس قولها ... لجارتها: قومى سلى لى عن الوتر
فجاءت تقول الناس في ست عشرة ... ولا تعجلى عنه فإنك في أجر
فقال ابن أبى عتيق: هذه أفقه من ابن أبى شهاب؛ أشهدكم أنّها حرّة من مالى إن أجاز أهلها ذلك.
والعرجىّ هو عبد الله بن عمر بن عمرو بن عثمان بن عفان، وكان ينزل بعرج الطائف فنسب إليه، وهو القائل:
هل في ادّكارى الحبيب من حرج ... أم هل لهمّ الفؤاد من فرج
أم كيف أنسى مسيرنا حرما ... يوم حللنا بالنّخل من أمج «١»
يوم يقول الرسول قد أذنت ... فات على غير رقبة فلج «٢»
أقبلت أهوى إلى رحالهم ... أهدى إليها بريحها الأرج
وكان محمد بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن مخزوم واليا على مكة- وهو خال هشام بن عبد الملك- بلغه أنّ العرجىّ هجاه، فضربه ضربا مبرحا، وأقامه على أعين الناس، فجعل يقول:
سيغضب لى الخليفة بعد رقّى ... ويسأل أهل مكة عن مساقى
علىّ عباءة برقاء ليست ... من البلوى تجاوز نصف ساقى
وتغضب لى بأسرتها قصىّ ... ولاة الشعب والطّرق العماق