للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال واصل بن عطاء: ألا قاتل الله هذه السفلة! توادّ من حادّ الله ونبيّه، وتحادّ من وادّ الله ونبيّه، وتذمّ من مدحه الله، وتمدح من ذمّه الله؛ على أنه بهم علم الفضل لأهل الطبقة العالية، وبهم أعطيت الأوساط حظّا من النّبل.

وقيل لبعض الملوك، [وقد بلغ فى القدر ما لم يبلغه أحد. من ملوك زمانه] : ما الذى بلغ بك هذه المنزلة؟ قال: عفوى عند قدرتى، ولينى عند شدّتى، وبذلى الإنصاف ولو من نفسى، وإبقائى فى الحب والبغض مكانا لموضع الاستبدال.

وقال الإسكندر لأحد الحكماء، وأراد سفرا: أرشدنى لأحزم أمرى.

قال: لا تملأنّ قلبك من محبّة الشىء، ولا يستولينّ عليك بغضه، واجعلهما قصدا «١» ؛ فإن القلب كاسمه ينزع ويرجع، واجعل وزيرك التثبت، وسميرك التيقّظ، ولا تقدم إلّا بعد المشورة؛ فإنها نعم الدليل، فإذا فعلت ذلك ملكت قلوب رعيّتك.

وقيل لبعض الحكماء ما الحزم؟ قال: سوء الظن قيل: فما الصواب؟ قال:

المشورة. قيل: فما الرأى الذى يجمع القلوب على المودّة؟ قال: كفّ بذول، وبشر جميل. قيل: فما الاحتياط؟ قال: الاقتصاد فى الحبّ والبغض.

وسئل بزرجمهر: ما المروءة؟ قال: ترك ما لا يعنى. قيل: فما الحزم؟ قال:

انتهاز الفرصة. قيل: فما الحلم؟ قال: العفو عند المقدرة. قيل: فما الشدة؟ قال:

ملك الغضب. قيل: فما الخرق؟ قال: حب مغرق؛ وبغض مفرط.

قال معاوية رضى الله عنه لزياد حين ولّاه العراق: يا زياد؛ ليكن حبّك وبغضك قصدا؛ فإن العثرة فيهما كامنة، واجعل للنزوع والرجوع بقيّة من قلبك، واحذر صولة الانهماك، فإنها تؤدى إلى الهلاك.

<<  <  ج: ص:  >  >>