للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى تصير إليه، وشوارد نوازع حيث حلّت حتى تقع عليه، تتلفت تلفت الرامق، وتنشوف إليه تشوف الصبّ العاشق، قد ملكها أنّى توجهت وحشة المضاع وحيرة المرتاع.

فإن تغش قوما غيره أو تزرهم ... فكالوحش يدنيها من الأنس المحل «١»

حتى إذا قابلته أسرعت إليه إسراع السيل بنصبّ فى الحدور، والطير ينقضّ إلى الوكور.

وقال أبو الطيب المتنبى:

أحقّ عاف بدمعك الهمم ... أحدث شىء عهدا بها القدم «٢»

وإنما الناس بالملوك، وما ... تفلح عرب ملوكها عجم

لا أدب عندهم ولا حسب ... ولا عهود لهم ولا ذمم

بكلّ أرض وطئتها أمم ... ترعى بعبد كأنّها غنم

يستخشن الخزّ حين يلمسه ... وكان يبرى بظفره القلم

وقال الزبير بن بكار: قدم ابن ميّادة، واسمه الرّمّاح بن أبرد، زائرا العبد الواحد بن سليمان، وهو أمير المدينة، فكان عنده ليلة فى سمّاره؛ فقال عبد الواحد لأصحابه: إنى لأهم أن أتزوج فابغونى أيّما، قال ابن ميادة: أنا- أصلحك الله- أدلّك، قال: على من يا أبا بشر نميل؟ قال: قدمت عليك أيها الأمير، فلما قدمت ألفيت المسجد وإذا أشبه شىء به وبمن فيه الجنة ومن فيها، فبينا أنا أمشى إذ قادتنى رائحة رجل عطر حتى وقفت عليه، فلما وقع بصرى عليه استلهى حسنه ناظرى، فما أقلعت ناظرى حتى تكلّم فما زال يتكلّم كأنما ينثر درّا، ويتلو زبورا، ويدرس إنجيلا، ويقرأ فرقانا، حتى سكت، فلولا معرفتى بالأمير ما شككت أنه هو، ثم خرج من مصلّاه إلى داره، فسألت عنه، فأخبرت أنه

<<  <  ج: ص:  >  >>