للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا تجعلنّ الوتر واحدة ... إن الثلاث تتمة الوتر

فبعثته الأبيات إلى أن زاره ثلاثا.

وكان يميل إلى المأمون، فلما خرج المأمون إلى خراسان شيّعه حتى وصل معه إلى سندان «١» كسرى، فقال له المأمون: سألتك بالله يا عتّابى إلا عملت على زيارتنا إن صار لنا من هذا الأمر شىء، فلما ولى المأمون الخلافة، ودخل بغداد سنة أربع ومائتين توصّل إليه العتّابى، فلم يمكنه الوصول، فقال للقاضى يحيى بن أكثم:

إن رأيت أن تعلم أمير المؤمنين بمكانى! فقال: لست بحاجب! قال: قد علمت، ولكنك ذو فضل، وذو الفضل معوان! فقال: سلكت بى غير طريقى! قال:

إن الله تعالى ألحقك بحاه ونعمة، وهما يقيمان عليك بالزيادة إن شكرت، والتغيير إن كفرت، وأنا اليوم لك خير منك لنفسك؛ أدعوك لما فيه زيادة نعمتك، وأنت تأبى ذلك؛ ولكلّ شىء زكاة، وزكاة الجاه بذله للمستعين، فدخل يحيى على المأمون فقال: أجرنى من لسان العتّابى، فلها عنه، ولم يأذن له، فلما طال عليه كتب إليه:

ما على ذلك افترقنا بسندا ... ن ولا هكذا عهدنا الإخاء

لم أكن أحسب الخلافة يزدا ... دبها ذو الصفاء إلّا صفاء

تضرب الناس بالمثّقفة السّمر ... على غدرهم وتنسى الوفاء

يعرّض بقتله لأخيه على غدره، ونكثه لما عقد الرشيد؛ فلما قرأ المأمون والأبيات أمر أن يدخل عليه. فلما سلم قال: يا عتابى، بلغتنى وفادتك فسرّتنى، وقد كانت بلغتنى وفاتك فساءتنى، وإنى لحرىّ بالغم لبعدك، والسرور بقربك! فقال: يا أمير المؤمنين؛ لو قسم هذا الكلام على أهل الأرض لوسعهم عدلا

<<  <  ج: ص:  >  >>