المديح، جزل الافتخار، شجىّ النسيب، فكه الغزل، سائر المثل، سليم الزلل، عديم الخللى، رائع الهجاء، موجب المعذرة، محبّ المقتبة، مطمع المسالك، فائت المدارك، قريب البيان، بعيد المعانى، نائى الأغوار، ضاحى القرار، نقى المستشف، قد هريق فيه ماء الفصاحة، وأضاء له نور الزجاجة، فانهلّ فى صادى الفهم، وأضاء فى بهيم الرأى. لمتأمله ترقرق، ولمستشفّه تألّق، يروق المتوسم، ويسر المترسّم؛ قد أبدت صدوره متونه، وزهت فى وجوهه عيونه، وانقادت كواهله لهواديه، وطابقت [ألفاظه معانيه، وخالفت أجناسه مبانيه، فاطّرد لمتصفحه، وأنار] لمستوضحه، وأشبه الروض فى وشى ألوانه، وتعمّم أفنانه، وإشراق نواره، وابتهاج أنجاده بأغواره؛ وأشبه الوشى فى اتفاق رقومه، واتساق رسومه، وتسطير كفوفه، وتحبير فوفه؛ وحكى العقد فى التئام فصوله، وانتظام وصوله، وازديان ياقوته بدره، وفريده بشذره، فلو اكتنف الإيجاز موارده، وصقلت مداوس الدربة مناصله، وشحذت مدارس الأدب فياصله، جاء سليما من المعايب، مهذّبا من الأدناس، تتحاشاه الأبن، وتتحاماه الهجن، مهديا إلى الأسماع بهجته، وإلى العقول حكمته.
وقد قلت فى الشعر قولا جعلته مثلا لقائليه، وأسلوبا لسالكيه، وهو:
الشعر ما قومت زيغ صدوره ... وشددت بالتهذيب أسر متونه
ورأبت بالإطناب شعب صدوعه ... وفتحت بالإيجاز غور عيونه
وجمعت بين قريبه وبعيده ... ووصلت بين مجمّه ومعينه
وعقدت منه لكلّ أمر يقتضى ... شبها به فقرنته بقرينه
فإذا بكيت به الديار وأهلها ... أجريت للمحزون ماء شئونه
ووكلته بهمومه وغمومه ... دهرا فلم يسر الكرى بجفونه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute