للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يعنينى! ونام ذو الرّمة غرارا، ثم انتبه، وكان ذلك فى أيام مهاجاته لذلك المرّىّ. فرفع عقيرته ينشد فيه:

أمن ميّة الطّلل الدارس ... ألظّ به العاصف الرّامس

فلم يبق إلا شجيج القذال ... ومستوقد ما له قابس

وحوض تثلّم من جانبيه ... ومحتفل دائر طامس

وعهدى به وبه سكنه ... وميّة والإنس والآنس

ستأنى امرأ القيس مأثورة ... يغنّى بها العابر الجالس

ألم تر أنّ امرأ القيس قد ... ألظّ به داؤه الناجس

هم القوم لا يالمون الهجاء ... وهل يألم الحجر اليابس؟

فما لهم فى الفلا راكب ... ولا لهم فى الوغى فارس

إذا طمح الناس للمكرمات ... فطرفهم المطرق الناعس

تعاف الأكارم إصهارهم ... فكل نسائهم عانس

فلما بلغ هذا البيت جعل ذلك النائم يمسح عينيه ويقول: أذو الرّميمة يمنعنى النوم بشعر غير مثقّف ولا سائر. فقلت: يا غيلان، من هذا؟ فقال:

الفريزد، يعنى الفرزدق، وحمى ذو الرمة:

وأمّا مجاشع الأرذلون ... فلم يسق ميتهم راجس

سيعقلهم عن مساعى الكرام ... عقل، ويحبسهم حابس

فقلت: الآن [يشرق فيثور، و] يعمّ الفرزدق هذا وقبيله بالهجاء.

فوالله ما زاد على أن قال: قبحا لك يا ذا الرّميمة! أتعرض لمثلى بمقال منتحل! ثم عاد فى نومه كأن لم يسمع شيئا، وسار ذو الرّمة وسرت، وإنى لأرى فيه انكسارا حتى افترقنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>