للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أبو العباس: ولما احتفل القائل فى هذا المعنى السابق إليه قال:

بلاد بها حلّ الشباب تمائمى

وقد تقدّم. وإذا كانت تمائمه قطعت بأبرق العزّاف، وكان التراب الذى مسّ جلده تراب جزيرة سيراف، وجب أن يحنّ إليه حنين المتأسفين على غوطة دمشق، وقصور مدينة السلام، ونجف الجزيرة، ومستشرف الخورنق، وجوسق سرّ من رأى، لمّا بعد عنها، وطال مقامه بغيرها، كلّا، ولكن هذا الرجل علم أن الحنين إلى الأوطان لما تذكّر من معاهد اللهو فيها، بجدّة الشباب الذى ذكر أنّ غول سكرته، يغطى على مقدار فضيلته، فى قوله:

لا تلح من يبكى شبيبته ... إلّا إذا لم يبكها بدم

عيب الشبيبة غول سكرتها ... ومقدار ما فيها من النّعم

لسنا نراها حقّ رؤيتها ... إلّا أوان الشيب والهرم

كالشمس لا تبدو فضيلتها ... حتى تغشّى الأرض بالظّلم

ولربّ شىء لا يبيّنه ... وجدانه إلّا مع العدم

أخذها هذا من قول الطائى:

راحت وفود الأرض عن قبره ... فارغة الأيدى ملاء القلوب

قد علمت ما رزئت، إنما ... يعرف فقد الشمس بعد الغروب

وأخذ ابن الرومى قوله فى صفة الوطن من قول بشّار:

متى تعرف الدار التى بان أهلها ... بسعدى فإن العهد منك قريب

تذكّرك الأهواء إذ أنت يافع ... لديها فمغناها لديك حبيب «١»

أو من قول بعض الأعراب:

ذكرت بلادى فاستهلّت مدامعى ... بشوقى إلى عهد الصبا المتقادم «٢»

<<  <  ج: ص:  >  >>