للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو مشغول، فأثبتّه فى بطنه، وأبنته من متنه «١» . فما زاد على فم فغره «٢» ، وألقمه حجره، وقمت إلى أصحابى فحللت أيديهم، وتوزّعنا سلب المقتولين، وأدركنا الرفيق، وقد جاد بنفسه، وصار إلى رمسه «٣» ، وصرنا إلى الطريق فوردنا حمص بعد ليال، فلما انتهينا إلى فرضة من سوقها رأينا رجلا قد قام على رأس ابن وبنيّة، بجراب وعصيّة، وهو يقول:

رحم الله من حشا ... فى جرابى مكارمه

رحم الله من رثى ... لسعيد وفاطمه

إنّه خادم لكم ... وهى لا شكّ خادمه

قال عيسى بن هشام: فقلت: إنّ هذا الرجل هو الإسكندرى لذى سمعت به وسألت عنه فإذا هو هو، فدلفت إليه، فقلت له: أحكمك حكمك، فقال:

درهم، فقلت:

لك درهم فى مثله ... مادام يسعدنى النّفس

فاحسب حسابك والتمس ... كيما تنال الملتمس

لك درهم فى اثنين، وفى ثلاثة، وفى أربعة، فى خمسة حتى بلغت العشرين، ثم قلت: كم معك؟ قال: عشرون رغيفا، فأمرت له بها، وقلت: لا نصرة مع الخذلان، ولا حيلة مع الحرمان.

وقال أبو فراس الحمدانى.

سكرت من لحظه لا من مدامته ... ومال بالنوم عن عينى تمايله

وما السّلاف دهتنى بل سوالفه ... ولا الشّمول دهتنى بل شمائله

ألوى بصبرى أصداغ لوين له ... وغال عقلى «٤» بما تحوى غلائله

<<  <  ج: ص:  >  >>