تجافى البلى عنهنّ حتى كأنما ... لبسن على الإقواء ثوب نعيم
وهذا معنى مليح وإن أخذه من قول أعرابى:
شطّت بهم عنك نية قذف ... غادرت الشعب غير ملتئم «١»
واستودعت سرّها الديار فما ... تزداد طيبا إلّا على القدم
وهذا ضدّ قول محمد بن وهيب:
طللان طال عليهما الأمد ... درسا فلا علم ولا قصد
لبسا البلى فكأنما وجدا ... بعد الأحبّة مثل ما وجدوا
وقال الأخطل:
لأسماء محتلّ بناظرة البشر ... قديم ولمّا يعفه سالف الدّهر
يكاد من العرفان يضحك رسمه ... وكم من ليال للديار ومن شهر
هذا أيضا كقول أبى صخر الهذلى:
لليلى بذات الجيش دار عرفتها ... وأخرى بذات البين آياتها سطر
كأنهما م الآن لم يتغيّرا ... وقد مرّ للدارين من بعدنا عصر «٢»
وقد قال مزاحم القيلى:
تراها على طول القواء جديدة ... وعهد المغانى بالحلول قديم
وقرأ الزبير بن بكار أخبار أبى السائب [المخزومى] فلما بلغ إلى قول مالك بن أسماء الفزارى:
بكت الديار لفقد ساكنها ... أفعند قلبى أبتغى الصّبرا؟
هذا البيت نظير قول ابن وهيب:
بيناهم سكن بجيرتهم ... ذكروا الفراق فأصبحوا سفرا
فظللت ذا وله يعاتبنى ... من لا يرى أمرى له أمرا