للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن أبا السائب قال عند سماع البيت الاوسط: ما أسرع هذا! أما اهتدوا! أما قدّموا ركابا! أما ودّعوا صديقا! فقال الزبير: رحم الله أبا السائب! فكيف لو سمع قول العباس بن الأحنف:

سألونا عن حالنا كيف أنتم ... فقرنّا وداعنا بالسؤال

ما أنخنا حتى ارتحلنا فما ف ... رّقن بين النزول والإرتحال «١»

هكذا رواه الزبير بن بكار لمالك بن أسماء، ورواها غيره لأيوب بن شبيب الباهلى.

ومن ألفاظ أهل العصر، فى صفة الديار الخالية دار لبست البلى، وتعطّلت من الحلى. دار قد صارت من أهلها خالية، بعد ما كانت بهم حالية. دار قد أنفد البين سكانها، وأقعد حيطانها، شاهد اليأس منها ينطق، وحبل الرجاء فيها يقصر. كأنّ عمرانها يطوى وخرابها ينشر، أركانها قيام وقعود، وحيطانها ركّع وهجود.

يشبه الأول من قول مالك بن أسماء قول مزاحم العقيلى.

بكت دار هم من فقدهم فتهلّلت ... دموعى، فأىّ الجاز عين ألوم؟ «٢»

أمستعبر يبكى على الهون والبلى ... أم آخر يبكى شجوه فيهيم

أبو الطيب المتنبى:

لك يا منازل فى القلوب منازل ... أقفرت أنت وهنّ منك أو اهل

يعلمن ذاك، وما علمت، وإنما ... أولا كما يبكى عليه العاقل

وقال على بن جبلة، فى معنى قول العباس بن الأحنف:

زائر نمّ عليه حسنه ... كيف يخفى الليل بدرا طلعا

بأبى من زارنى مكتتما ... خائفا من كلّ أمر جزعا

<<  <  ج: ص:  >  >>