للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وصدر أراح الليل عازب همّه ... تضاعف فيه الحزن من كل جانب «١»

وأنشده مسلمة قول امرئ القيس:

وليل كموج البحر أرخى سدوله ... علىّ بأنواع الهموم ليبتلى

فقلت له لما تمطّى بجوزه ... وأردف أعجازا وناء بكلكل

ألا أيّها الليل الطويل ألا انجلى ... بصبح، وما الإصباح منك بأمثل

فيالك من ليل كأن نجومه ... بكل مغار الفتل شدّت بيذبل

فطرب الوليد طربا، فقال الشعبى: بانت القضية.

معنى قول النابغة:

وصدر أراح الليل عازب همّه

أنه جعل صدره مأوى للهموم، وجعل الهموم كالنّعم السارحة الغادية، تسرح نهارا ثم تأتى إلى مكانها ليلا. وهو أول من استثار هذا المعنى، ووصف أن الهموم مترادفة بالليل لتقييد الألحاظ عما هى مطلقة فيه بالنهار، واشتغالها بتصرّف اللحظ عن استعمال الفكر، وامرؤ القيس كره أن يقول: إن الهمّ يخفّ عليه فى وقت من الأوقات فقال: وما الإصباح منك بأمثل.

وقال الطرماح بن حكيم الطائى:

ألا أيها الليل الذى طال أصبح ... بيوم، وما الإصباح فيك بأروح

على أن للعينين فى الصّبح راحة ... لطرحهما طرفيهما كلّ مطرح

فنقل لفظ امرئ القيس ومعناه، وزاد فيه زيادة اغتفر له معها فحش السرقة وإنما تنبّه عليه من قول النابغة، إلا أنّ النابغة لوّح، وهذا صرّح.

وقال ابن بسّام:

لا أظلم الليل ولا أدّعى ... أن نجوم الليل ليست تغور «٢»

ليلى كما شاءت، فإن لم تزر ... طال، وإن زارت فليلى قصير

وإنما أغار ابن بسام على قول على بن الخليل فلم يغير إلا القافية:

<<  <  ج: ص:  >  >>