للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عهدك، صادقا عن خلوص ودّك، وفهمته وشكرت الله تعالى على سلامتك شكر المخصوص بها، ووقفت على ما وصفته من الاعتداد بى، وتناهيت إليه من التقريظ لى، فما زدت على أن أعرتنى خلالك، ونحلتنى خصالك، لأنّك بالفضائل أولى، وهى بك أحرى، ولو كنت فى نفسى ممن يشتمل على وصفه حدّى إذا حددت، أو يحيط بكماله وصفى إذا وصفت، لشرعت فى بلوغها والقرب منها، لكن المادح لك مستنفد لك وسعه وقد بخسك، ومستغرق طوقه وقد نقصك، فأبلغ ما يأتى به المثنى عليك، ويتوصل إليه المطرى لك، الوقوف فى ذلك دون منتهاه، والإقرار بالعجز دون غايته ومداه.

ونقل البديع ما ذكره من ترك السفر والبغية بما حضر من قول ابن الرومى:

أما حقّ حامى عرض مثلك أن ترى ... له الرّفد والتّرفيه أوجب واجب

أقمت لكى تزداد نعماك نعمة ... وتغنى بوجه ناضر غير شاحب

وكى لا يقول القائلون أثابه ... وعاقبه والقول جمّ المساغب

وليس عجيبا أن ينوب تكرّم ... عديت به من آمل لك عائب

دمامى ترعى لا ذمام سفينة ... وحقى لا حقّ القلاص النجائب «١»

ودخل على أبى العتاهية أبنه، وقد تصوّف، فقال: ألم أكن قد نهيتك عن هذا؟ فقال: وما عليك أن أتعود الخير، وأنشأ عليه! فقال: يا بنى، يحتاج المتصوف إلى رقّة حال، وحلاوة شمائل، ولطافة معنى، وأنت ثقيل الظل، مظلم الهواء، راكد النسيم، حامد العينين، فأقبل على سوقك؛ فإنها أعود عليك.

وكان بزّازا.

<<  <  ج: ص:  >  >>