للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومصرّفها، وقائدها وسائقها، وبإرادته تنبعث، وفى طاعته تتقلّب؛ ووزيره العقل، وعاضده الفهم، ورائده العينان، وطليعته الأذنان. [وهما فى النقل سواء، لا يكتمانه أمرا، ولا يطويان دونه سرّا، يريد العين والأذن] .

وقيل لأفلاطون: أيهما أشدّ ضررا بالقلب السمع أم البصر؟ فقال: هما للقلب كالجناحين للطائر، لا يستقلّ إلا بهما، ولا ينهض إلا بقوتهما، وربما قص أحدهما فنهض بالآخر على تعب ومشقة. قيل: فما بال الأعمى يعشق ولا يرى، والأصم يعشق ولا يسمع؟ قال: لذلك قلت: إن الطائر قد ينهض بأحد جناحيه ولا يستقلّ بهما طيرانا، فإذا اجتمعا كان ذهابه أمضى، و [طيرانه] أوحى «١» .

وقال الأسود بن طالوت الجارودى: نظر إلىّ أبو الغمر الصوفى وقد أطلت النظر إلى غلام جميل، فقال: ويحك! إنّ طرفك لعظيم ما اجتنى من البلاء قد عرّضك للمكروه وطول العناء، لقد نظرت إلى حتف قاتل للقلوب، وبلاء مظهر للعيوب، وعار فاضح للنفوس، ومكروه مذهل للعقول، أكل هذا الاغترار بالله جرأك عليه حتى أمنت مكره، ولم تخف كيده؛ أعلم أنك لم تكن فى وقت من أوقاتك، ولا حالة من حالاتك، أقرب إلى عقوبة الله منك فى حالتك هذه، ولو أخذك لم يتخلّصك الثقلان، ولم يقبل فيك شفاعة إنس ولا جان.

ونظر محمد بن ضوء الصوفى إلى رجل ينظر إلى غلام مليح، فقال:

كفى بالعبد نقصا عند الله، وضعة عند ذوى العقول، أن ينظر إلى كل ما سنح له من البلاء.

ونظر [أبو] مسلم الخشوعى فأطال النظر، فقال: إنّ فى خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب. ثم قال:

سبحان الله! ما أهجم طرفى على مكروه نفسه، وأدمنه على تسخّط سيده،

<<  <  ج: ص:  >  >>