للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مفارقته ما أعقب الصابرين عن محارمه عند صدق الوفاء بأحسن الجزاء؛ ثم بكى حتى رحمته.

قال أبو حمزة: ورأيت مع أحمد بن على الصّوفى ببيت المقدس غلاما جميلا، فقلت: منذكم صحبك هذا الغلام؟ فقال: منذ سنين، فقلت: لو سرتما إلى بعض المنازه فكنتما فيه كان أحمد لكما من الجلوس فى المسجد بحيث يراكما الناس؟ فقال: أخاف احتيال الشيطان علىّ به وقت خلوتى، وإنى لأكره أن يرانى الله فيه على معصية فيفرّق بينى وبينه يوم يظفر المحبّون بأحبابهم قال أبو الفتح البستى:

تنازع الناس فى الصوفىّ، واختلفوا ... فيه وظنّوه مشتقّا من الصوف

ولست أنحل هذا الاسم غير فتى ... صافى فصوفى حتى لقّب الصوفى

ورأى بقراط رجلا من تلامذته يتفرّس فى وجه أوحيا، وكانت فائقة الجمال، فقال: ما هذا الشغل الذى منعك الرويّة والفكرة؟ فقال: التعجب من آثار حكمة الطبيعة فى صورة أوحيا، فقال: لا تجعلنّ نظرك لشهوتك مركبا، فيجمع لك فى الوحول الأذية «١» ؛ ولتكن نفسك منه على بال، إنّ آثار الطبيعة فى وجه أوحيا الظاهرة تمحق بصرك، وإن فكرت فى صورتها الباطنة تحد نظرك.

وقال بعضهم: رأيت جارية حسناء الساعد؛ فقلت: يا جارية، ما أحسن ساعدك! فقالت: [أجل، لكنه] لم تختص به، فغضّ بصر جسمك عما ليس لك؛ لينفتح بصر عقلك فترى مالك.

<<  <  ج: ص:  >  >>