للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعد ذلك المدح المهذب سنة لكان قليلا، فكيف على بديهته لم يرض له فكرا.

هكذا أورد هذه الحكاية الصولى، وقد جاءت بأطول من هذا، وليس من شرطنا.

قال معن بن أوس الهذلى:

لعمرك ما أدرى وإنى لأوجل ... على أيّنا تأنى المنية أول

وإنى أخوك الدائم الودّ لم أحل ... إذا ناب خطب أو نبا بك منزل «١»

كأنك تشفى منك داء مساءتى ... وسخطى، وما فى ريبتى ما تعجّل

وإن سؤتنى يوما صبرت إلى غد ... ليعقب يوما آخر منك مقبل

ستقطع فى الدنيا إذا ما قطعتنى ... يمينك فانظر أىّ كفّ تبدّل

وفى الناس إن رثّت حبالك واصل ... وفى الأرض عن دار القلى متحوّل

إذا أنت لم تنصف أخاك وجدته ... على طرف الهجران إن كان يعقل

ويركب حدّ السيف من أن تضيمه ... إذا لم يكن عن شفرة السيف مزحل

وكنت إذا ما صاحب رام ظنتى ... وبدّل سوءا بالذى كان يفعل

قلبت له ظهر المجنّ ولم أدم ... عليه العهد إلا ريثما أتحوّل

إذا انصرفت نفسى عن الشىء لم تكد ... على بوجه آخر الدهر تقبل

ودخل عبد الله بن الزبير على معاوية بن أبى سفيان وأنشد شعر معن، فقال:

لمن هذا؟ فقال: لى يا أمير المؤمنين، قال: لقد شعرت بعدى يا أبا بكر! ثم دخل عليه معن فأنشد الشعر بعينه، فقال: يا أبا بكر، ألم تقل إنه شعرك؟ فقال:

يا أمير المؤمنين، إنه ظئرى «٢» فما كان له فهو لى. أراد معاتبة معاوية فعاتبه بشعر معن؛ ليبلغ ما فى نفسه، وليس ادّعاؤه له على حقيقة منه.

<<  <  ج: ص:  >  >>