للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال خالد بن صفوان: دخلت على هشام بن عبد الملك، فاستدنانى حتى كنت أقرب الناس إليه، ثم تنفّس الصعداء، وقال: يا خالد، ربّ خالد جلس مجلسك هو أشهى إلىّ حديثا منك! فعلمت أنه أراد خالدا القسرى، فقلت:

أفلا تعيده يا أمير المؤمنين؟ فقال: هيهات؟ إن خالدا أدلّ فأملّ، وأوجف فأعجف، ولم يدع لراجع مرجعا. وتمثل بهذا البيت:

إذا انصرفت نفسى عن الشىء لم تكد ... عليه بوجه آخر الدهر تقبل

وروى أبو حاتم عن أبى عبيدة قال: كان عبد الملك بن مروان فى سمره مع أهل بيته وولده وخاصّته، فقال لهم: ليقل كلّ واحد منكم أحسن ما قيل من الشعر، وليفصّل [من] رأى تفضيله، فأنشدوا وفضّلوا، فقال بعضهم: [امرؤ القيس، وقال بعضهم:] النابغة، وقال بعضهم: الأعشى، فلما فرغوا قال:

أشعر الناس والله من هؤلاء الذى يقول، وأنشد بعض هذه الأبيات التى أنشد، وهى لمعن بن أوس:

وذى رحم قلمت أظفار ضغنه ... بحلمى عنه وهو ليس له حلم

يحاول رغمى لا يحاول غيره ... وكالموت عندى أن يحلّ به الرغم

فإن أعف عنه أغض عينا على قذى ... وليس له بالصّفح عن ذنبه علم

وإن أنتصر منه أكن مثل رائش ... سهام عدوّ يستهاض بها العظم

صبرت على ما كان بينى وبينه ... وما يستوى حرب الأقارب والسّلم

وبادرت منه النأى والمرء قادر ... على سهمه ما كان فى كفّه السهم

ويشتم عرضى فى المغيّب جاهدا ... وليس له عندى هوان ولا شتم «١»

إذا سمته وصل القرابة سامنى ... قطيعتها، تلك السفاهة والإثم

فإن أدعه للنّصف يأب إجابتى ... ويدعو لحكم جائر غيره الحكم «٢»

<<  <  ج: ص:  >  >>