وأعار منطقها التذمّم سكتة ... فتراجعت تمشى على استحياء
لم تشف من كمد، ولم تبرد على ... كبد، ولم تمسح جوانب داء
داوت جوى بجوى وليس بحازم ... من يستكفّ النار بالحلفاء
من يشف من كمد بآخر مثله ... أثرت جوارحه على الأدواء
وله إليه رسالة: أخاطب الشيخ سيدى- أطال الله بقاءه- مخاطبة محرج يروم الترويح عن قلبه، ويريغ التفريج «١» من كربه؛ فأكاتبه مكاتبة مصدور، يريد أن ينفث بعض ما به، ويخفّف الشكوى من أوصابه، ولو بقيت فى التصبّر بقية لسكتّ، ولو وجدت فى أثناء وجدى مخرجة يتحلّلها تجلّد لأمسكت؛ فقديما لبست الصديق على علّاته، وصفحت له عن هناته، ولكنى مغلوب على العزاء، مأخوذ عن عادتى فى الإغضاء، فقد سلّ من جفائك ما ترك احتمالى جفاء، وذهب فى نفسى من ظلمك ما أنزف حلمى فجعله هباء، وتوالى علىّ من قبح فعلك فى هجر يستمر على نسق، وصد مطّرد متّسق، ما لو فضّ على الورى، وأفيض على البشر لامتلأت منه صدورهم، فهل أقدر على ألّا أقول، وهل نكلك إلى مراعاتك، وهل نشكوك إلى الدهر حليفك على الإضرار، وعقيدك على الإفساد «٢» ، وأشكوه إليك، فإنكما وإن كنتما فى قطيعة الصديق رضيعى لبان، وفى استيطاء مركب العقوق شريكى عنان، فإنه فاصر عنك فى دقائق مخترعة، أنت فيها نسيج وحدك، وقاعد عما تقوم به من لطائف مبتدعة، أنت فيها وحيد عصرك، أنتما متفقان فى ظاهر يسرّ الناظر، وباطن يسوء الخابر، وفى تبديل الأبدال، والتحول من حال إلى حال، وفى بثّ حبائل الزور، ونصب أشراك الغرور، وفى خلف الموعود، والرجوع فى الموهوب، وفى فظاعة اهتضام ما يعير، وشناعة ارتجاع ما يمنح، وقصد مشارّة الأحرار «٣» ، والتحامل