للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالغريب من القول، دون الغريب] من الفعل؟ وقد أغربت فى الذهاب بنفسك إلى حيث لا تهتدى للرجوع عنه. وأما النحو فلن تدفع عن حذق فيه، وبصر به، وقد اختصرته أوجز اختصار، وسهلت سبيل تعليمه على من يجعلك قدوة، ويرضى بك أسوة، فقلت: الغدر والباطل وما جرى مجراهما مرفوع، والصدق والحق وما صاحبهما مخفوض، وقد نصب الصديق عندك، ولكن غرضا يرشق بسهام الغيبة، وعلما يقصد بالوقيعة، ولست بالعروضى ذى اللهجة فأعرف قدر حذقك فيه، إلا أنى لا أراك تتعرّض لكامل فيه، ولا وافر، وليتك سبحت فى بحر المجتثّ حتى تخرج منه إلى شطّ المتقارب.

وفى فصل منها أيضا:

وهبنى سكتّ لدعواك سكوت متعجّب، ورضيت رضا متسخّط، أيرضى الفضل اجتذابك بأهدائه، من يدى أهليه وأصحابه، وأحسبك لم تزاحم خطابه، حتى عرفت ذلة نفره وقلة بصره، فاصدقنى هل أنشدك:

لو بأبانين جاء يخطبها ... ضرّج ما أنف خاطب بدم «١»

وليت شعرى بأى حلى تصدّيت له، وأنت لو تتّوجت بالثريّا، وقلدت قلادة الفلك، وتمنطقت بمنطقة الجوزاء، وتوشّحت بالمجرة لم تكن إلا عطلا، ولو توشّحت بأنوار الربيع الزاهر، وسرّجت جبينك غرّة البدر الباهر، ما كنت إلا عطلا، سيما مع قلّة وفائك، وضعف إخائك، وظلمة ما تتصرّف فيه من خصالك، وتراكم الدّجى على ضلالك، وقد ندمت على ما أعرتك من ودّى، ولكن أى ساعة مندم، بعد إفناء الزمان فى ابتلائك، وتصفّحى حالات الدهر فى اختيارك، وبعد تضييع ما غرسته، ونقض ما أسسته، فإن الوداد غرس إذا لم يوافق ثرى ثريا، وجوّا عذيّا «٢» ، وماء رويّا، لم يرج زكاؤه، ولم يجر نماؤه، ولم تفتّح أزهاره، ولم تجن ثماره، ولبت شعرى، كيف

<<  <  ج: ص:  >  >>