للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجوب الأرض نحوك ما تأنّى ... إذا ما الأكم قنعها السّراب

وكنت المرتجى وبك استغاثت ... لتنعشها إذا بخل السحاب

قال: فقال: ما حاجتك؟ قالت: ليس مثلى يطلب إلى مثلك حاجة، فتخيّر أنت! فأعطاها خمسين من الإبل؛ ثم قال: أخبرينى عن مضر، قالت:

فاخر بمضر، وحارب بقيس، وكاثر بتميم، وناظر بأسد، فقال: ويحك يا ليلى! أكما يقول الناس كان توبة؟ قالت: يا أمير المؤمنين، ليس كل الناس يقول حقا، الناس شجرة بغى، يحسدون النّعم حيث كانت، وعلى من كانت؛ كان يا أمير المؤمنين سبط البنان، حديد اللسان، شجى الأقران، كريم المخبر، عفيف المئزر، جميل المنظر، وكان كما قلت، ولم أتعدّ الحق فيه:

بعيد الثّرى لا يبلغ القوم قعره ... ألدّ ملدّ يغلب الحقّ باطله «١»

فقال معاوية: ويحك يا ليلى! يزعم الناس أنه كان عاهرا خاربا، فقالت من ساعتها مرتجلة:

معاذ إلهى كان والله توبة ... جوادا على العلّات جمّا نوافله «٢»

أغرّ خفاجيّا يرى البخل سبة ... تحالف كفّاه النّدى وأنامله

عفيفا بعيد الهمّ صلبا قناته ... جميلا محيّاه قليلا غوائله

وكان إذا ما الضيف أرغى بعيره ... لديه أتاه نيله وفواضله

وقد علم الجوع الذى كان ساريا ... على الضيف والجيران أنك قاتله

وأنك رحب الباع يا توب بالقرى ... إذا ما لئيم القوم ضاقت منازله

يبيت قرير العين من كان جاره ... ويضحى بخير ضيفه ومنازله

فقال لها معاوية: ويحك يا ليلى! لقد جزت بتوبة قدره، فقالت:

يا أمير المؤمنين. والله لو رأيته وخبرته لعلمت أنى مقصرة فى نعته، لا أبلغ كنه ما هو له أهل. فقال لها معاوية: فى أى سنّ كان؟ فقالت: يا أمير المؤمنين:

<<  <  ج: ص:  >  >>